ومرجعه إلى الشك في استمرار الحكم المتيقن حدوثه، كالشك في بقاء النجاسة للماء المتغير إذا زال تغيره من قبل نفسه.
ولا يخفى ان الشك بالنحو الأول لا مسرح للاستصحاب فيه، لان موضوع الاستصحاب هو الشك في بقاء الحكم واستمراره، وإنما يجري حديث الاستصحاب بالنسبة إلى الشك بالنحو الثاني، فيتكلم في إمكان جريان استصحاب النجاسة الثابتة سابقا - مثلا -، وفي هذا المقام يقع حديث استصحاب عدم الجعل، فيقال بأنه يعارض استصحاب بقاء الحكم المجعول دائما. ببيان يذكر في محله. ونتيجته يلتزم بعدم جريان استصحاب المجعول لاجل المعارضة دائما.
فإذا ثبت انه لا مجال لاستصحاب عدم الجعل كان استصحاب بقاء المجعول سليما عن المعارض.
إذن فتحقيق صحة جريان استصحاب عدم الجعل وعدم صحته له الأثر المهم في صحة جريان استصحاب بقاء الأحكام الكلية عند الشك في استمرارها وعدم صحته.
وكما يكون لاستصحاب عدم الجعل ارتباط بتلك المسألة، فان له ارتباطا أيضا بمسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، وهي: انه هل يمكن اثبات وجوب الأقل بأصالة عدم الجعل الجارية في خصوص الجزء المشكوك أو لا؟. وسبب الاهتمام في ذلك يبتني على الالتزام بعدم انحلال العلم الاجمالي وجريان قاعدة الاشتغال عقلا في حد نفسها، فإنه إذا كان مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الاتيان بالأكثر لعدم العلم بالامتثال بمجرد الاتيان بالأقل لفرض كون الواجب ارتباطيا، فلا رافع لذلك إلا قيام الدليل التعبدي على تعيين كون الواجب هو الأقل دون الأكثر، لكي يرتفع موضوع قاعدة الاشتغال، إذ بعد حكم الشارع بان الواجب هو الأقل وتعيين تعلق الامر بالأقل دون الأكثر لا مجال حينئذ