البراءة.
لكن هذا خلاف المفروض في الكلام من أنها أمر وحداني بسيط لا تعدد فيه ولا تشكيك.
المورد الرابع: في دوران الامر بين الأقل والأكثر في المحرمات، كما لو دار أمر الغناء المحرم بين كونه خصوص الصوت المطرب أو انه الصوت المطرب المشتمل على الترجيع.
وقد يقال: أن الامر فيه على عكس الامر في دوران الامر بين الأقل والأكثر في الواجبات، إذ الأقل في مورد المحرمات غير معلوم التحريم، والأكثر معلوم التحريم، فلذا لا يلزم ترك الأقل.
ولكن لا يخفى ان الالتزام في باب الواجبات بالانحلال إذا كان من باب الانحلال الحقيقي المبتني على الانبساط، باعتبار ان الأقل معلوم الوجوب إما نفسيا استقلاليا أو ضمنيا، والزائد مشكوك، فهو بعينه يجري في باب المحرمات، إذ حرمة المجموع تستلزم حرمة كل جزء جزء ضمنا. وعليه فمع دوران أمر المحرم بين الأقل والأكثر يصح ان يقال: إن الأقل معلوم الحرمة على كل حال اما استقلالا أو ضمنا. وأما الخصوصية الزائدة فهي مشكوكة الاعتبار.
نعم، على مسلكنا في مقام الانحلال وهو الالتزام بالانحلال الحكمي المبتني على التبعض في التنجيز، يكون الامر في المحرمات على عكسه في الواجبات. وذلك لان فعل الأكثر مما يعلم بترتب العقاب عليه على كل حال، وأما فعل الأقل فلا يعلم بترتب العقاب عليه على كل حال، لاحتمال كون المحرم هو الأكثر، فلا يكون فعله موجبا للعقاب، إذ المخالفة في باب المحرمات إنما تتحقق بفعل المجموع. وأما في باب الواجبات، فهي تتحقق بترك بعض الاجزاء، لان ترك البعض سبب لترك الكل دون فعل البعض، فإنه لا يكون سببا لفعل الكل. فلاحظ والتفت.