وقد تعرض له الشيخ (رحمه الله) ههنا، كما تعرض له في ذيل الكلام في البراءة في الشبهة الحكمية التحريمية.
وكما منع جريانه هناك منع جريانه هنا. وتوضيح ما أفاده ههنا: انه قد يتمسك لاثبات عدم وجوب الأكثر باستصحاب عدم وجوبه. لكنه منعه: بان التمسك بأصالة عدم وجوب الأكثر ان قصد به نفي العقاب على ترك الأكثر، فقد عرفت فيما تقدم ان انتفاء العقاب لا يحتاج فيه إلى الاستصحاب، بل مجرد الشك فيه كاف في نفيه بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فيكون الاستصحاب من تحصيل الحاصل. وان قصد به نفي آثار الوجوب النفسي الاستقلالي للأكثر، فهو معارض بأصالة عدم وجوب الأقل كذلك.
ثم إنه (قدس سره) تعرض بعد ذلك إلى وجهين آخرين للاستصحاب.
الأول: أصالة عدم وجوب المشكوك في جزئيته، وحكم بان حاله أردأ من حال سابقه، لان المقصود به ان كان نفي وجوبه الضمني، فهو يرجع إلى نفي وجوب الكل، لان الوجوب الضمني هو عين وجوب الكل وليس مغايرا له. وان كان نفي الوجوب المقدمي، بمعنى اللابدية، فهي ليست حادثة، بل من لوازم ذات الجزء كزوجية الأربعة. وان كان نفي وجوبه المقدمي، بمعنى الطلب الغيري، فهو وإن كان حادثا مغايرا، لكنه لا ينفع في اثبات كون الواجب هو الأقل إلا بنحو الأصل المثبت.
الثاني: استصحاب عدم جزئية الشئ المشكوك للمركب. ومنعه (قدس سره) بان المقصود إن كان نفي جزئية السورة - مثلا - للمركب الواقعي. فهي ليست من الأمور الحادثة المسبوقة بالعدم كي يستصحب، بل من الأمور الأزلية. وإن كان نفي جزئية السورة للمأمور به، فمرجعه إلى نفي وجوب الأكثر المشتمل على هذا الجزء، وهو لا يثبت تعلق الامر بالأقل إلا على القول بالأصل المثبت.