دخول الوقت للتكليف المتعلق بالتام، بحيث يتنجز في حقه ثم يطرأ عليه النسيان، فإنه يشك في الخروج عن عهدة ذلك التكليف المعلوم بالمأتي به الناقص، فالأصل يقتضي الاشتغال. ولا تتم فيما إذا كان المكلف ناسيا من أول الوقت ثم استمر نسيانه إلى حين العمل، إذ لا أمر بالتام قبل العمل وفي أثنائه للنسيان، وأما بعد العمل فهو يشك في حدوث الامر بالتام ومقتضى الأصل البراءة لا الاشتغال.
ولكنه توهم فاسد، لأنه في مثل هذا الفرض وإن لم يكن هناك أمر، إلا أنه يعلم بوجود غرض ملزم في العمل التام وكان المولى بصدد تحصيله، وانما ارتفع الامر لمانع عقلي وهو النسيان، وهو لا يعلم بأن ما أتى به هل يحصل الغرض أو لا؟. والعقل يلزم بتحصيل العلم بحصوله، فمع الشك يكون مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الاتيان بالتام ليحصل العلم بحصول الغرض الملزم.
وإذا ظهر لك ما ذكرنا، فيقع الكلام في الوجه الذي يحاول به تصحيح العمل واثبات سقوط الامر بواسطة المأتي به الفاقد للجزء عن نسيان، وقد عرفت أنه ينحصر في طريقين، فيقع البحث في كل واحد منهما على حدة.
أما الطريق الأول: وهو اثبات تعلق الامر بالعمل الفاقد، وأنه مأمور به في حق الناسي. فتحقيق الكلام فيه يدعو إلى التكلم في مقامين:
الأول: في امكان تعلق التكليف بالناقص بالنسبة إلى الناسي وعدمه.
الثاني: انه على تقدير إمكانه فيقع البحث في الدليل على ثبوت الامر بالناقص.
فالمقام الأول بلحاظ مقام الثبوت. والمقام الثاني بلحاظ مقام الاثبات.
أما المقام الأول: فقد ذهب الشيخ (رحمه الله) إلى استحالة تعلق التكليف بالناسي بعنوانه. والوجه فيه: ان التكليف لا يمكن أن يكون باعثا ومحركا للعبد نحو العمل إلا مع الالتفات إليه والى موضوعه، فالتكليف بالحج المأخوذ في