يكون منجزا ما دام باقيا، فإذا زال زال أثره.
وأشار الشيخ إلى ذلك في أول مبحث القطع بقوله: " ما دام موجودا " (1).
ويوضح ذلك في مبحث الاشتغال فيبين: ان العلم الاجمالي انما يكون منجزا إذا بقي ثابتا ولم يرتفع، فلو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم بعد حين زال علمه الاجمالي بان علم تفصيلا بطهارتهما أو بطهارة أحدهما أو بعدم وقوع النجاسة في أحدهما وان شك في نجاستهما بدوا، لم يكن مجال لدعوى لزوم الاحتياط بملاحظة حدوث العلم الاجمالي (2).
ولا يرد على هذا: بان لازمه عدم لزوم الاجتناب عن أحد الطرفين المعلوم نجاسة أحدهما إذا طهر الاخر لزوال العلم الاجمالي بالنجاسة. وذلك لان التطهير إنما يرفع المعلوم بالاجمال بقاء، أما حدوثا فلا، فالعلم الاجمالي فعلا بنجاسة أحد الإناءين حدوثا ثابت ولم ينتف بالتطهير، فيكون التنجيز بلحاظه، فالمعتبر بقاء العلم لا المعلوم.
وإذا ظهر ذلك تعرف الحال في ما ذكره المحقق المزبور، فان علمه التفصيلي انما تلزم مراعاته ما دام موجودا. أما إذا زال كما هو الفرض فلا موضوع للتنجيز، فليس عدم التنجيز لتقييد المطلقات، بل لعدم موضوعه وهو العلم، والعلم السابق لا ينفع في تنجيز الحكم لا حقا، فلاحظ وتدبر.
وأما الجهة الثالثة: فتحقيق الكلام فيها: ان البراءة انما تجري في مورد الشك في التكليف الزائد، سواء كان استقلاليا أو ضمنيا، أو فقل انها انما تجري مع الشك في أصل التكليف أو في سعته وانبساطه على أمر خاص مع العلم بأصله، كموارد دوران الامر بين الأقل والأكثر، والسر في ذلك واضح، لان ما هو بيد