الجهة الرابعة: في الانحلال.
وتوضيح الكلام فيه هو: انه إذا تعلق العلم الاجمالي بحكم الزامي مردد بين طرفين، ويحصل العلم التفصيلي بثبوت الالزام في أحد الطرفين المعين، أو تقوم الامارة على ذلك أو الأصل المثبت..
فتارة: يتعلق العلم التفصيلي بنفس المعلوم بالاجمال أو تقوم الامارة عليه، بان يعلم تفصيلا بان ذلك الحكم المردد هو في هذا الطرف، أو تقوم الامارة على ذلك.
وأخرى: لا يتعلق العلم التفصيلي بهذا النحو. بل يعلم تفصيلا بثبوت الحرمة - مثلا - في هذا الطرف المعين، بلا بيان انه هو المعلوم بالاجمال، بل مع احتمال ان تكون هي الحرمة المعلومة بالاجمال.
أما النحو الأول، فلا كلام فيه من حيث الانحلال حقيقة أو حكما، وسيجئ الإشارة إلى وجه ذلك مؤخرا.
انما الكلام والاشكال في النحو الثاني، وهو ما كان المعلوم بالتفصيل أو مؤدى الامارة، أو مفاد الأصل الشرعي أو ما قام عليه الأصل المثبت العقلي محتمل الانطباق على ما هو المعلوم بالاجمال.
ولا يخفى ان تحقيق هذه الجهة لم يعطه الاعلام حقه من الاستيفاء، مع أنه ذو أهمية كبيرة في بعض المسائل الأصولية المهمة، كمسألة حجية الخبر الواحد، حيث حاول البعض اثبات حجيته بطريق العلم الاجمالي، وناقشه الآخرون بانحلاله - كما مرت الإشارة إليه -. ومسألة الانسداد المبتني رد دليل الانسداد فيها على دعوى الانحلال، ومسألة الاحتياط في الشبهات التحريمية الحكمية التي ادعى الأخباريون فيها لزوم الاحتياط للعلم الاجمالي وكان ردهم من الأصوليين يتمحض في دعوى انحلاله.
وكيف كان فالذي يبدو ان الانحلال لدى الاعلام مفروغ منه.