أقول: ايراده (قدس سره) يبتني على مختاره في متعلق العلم الاجمالي، وانه الصورة الاجمالية القابلة للانطباق على كل من الطرفين على سبيل البدل.
وبذلك يكون ايرادا مبنائيا، وهو خلاف الأسلوب الصناعي، بل كان ينبغي عليه ان يردد في مقام الايراد بين المباني.
والأمر سهل بعد ما عرفت حقيقة الحال.
الوجه الثاني: ما هو ظاهر المحقق النائيني (رحمه الله) في كلا تقريري بحثه - وعلى الأخص أجود التقريرات (1) - (وهو يغاير ما هو المعهود منه سابقا في أذهاننا وهو الوجه السابق).
ومحصل ما أفاده (قدس سره) - كما في تقرير الكاظمي (رحمه الله) -: ان العلم الاجمالي ينحل بقيام ما يوجب ثبوت التكليف في بعض الأطراف المعين، سواء كان علما أم امارة أم أصلا شرعيا كان أو عقليا، ولا فرق بين ان يقوم ذلك قبل العلم الاجمالي وبعده. غاية الامر انه في الأول يوجب عدم تأثير العلم الاجمالي من رأس. وفي الثاني يوجب انحلاله وعدم تأثيره بقاء. والسر في ذلك:
انه بعد احتمال انطباق ما هو المعلوم بالاجمال على ما قام الدليل المثبت للتكليف فيه، لا يكون العلم الاجمالي علما بتكليف فعلي على كل تقدير، والعلم الاجمالي انما يوجب التنجيز إذا كان علما بالتكليف على كل تقدير. وهذا الوجه يتأتى فيما إذا كان العلم التفصيلي بالتكليف في طرف معين بعد العلم الاجمالي، لكن كان المعلوم سابقا، لان العلم الاجمالي وان كان منجزا حدوثا، لكنه بقاء ينحل، وذلك لتبدله وانقلابه عما كان عليه أولا، إذ بعد العلم التفصيلي بالتكليف في طرف معين من السابق، واحتمال انه هو المعلوم بالاجمال السابق، لا يكون العلم الاجمالي علما بتكليف فعلي على كل تقدير من الأول.