وجه الفرق بينهما أصلا، فما أورده على الكفاية يرد عليه. ولعل في نظره نكتة لا تظهر من كلامه، فتأمل فيه تعرف.
وجملة القول: ان اختصاص الناسي بالتكليف بالناقص مما لا يمكن الالتزام به تبعا للشيخ (رحمه الله). وخلافا لصاحب الكفاية ومن تأخر عنه.
وعلى هذا فلا موضوع للبحث في المقام الثاني وتحقيق مقام الاثبات، وانه هل هناك دليل على ثبوت الامر بالعمل الذي أتى به الناسي أو لا؟.
ومنه ظهر أن التمسك بحديث: " رفع ما لا يعلمون " في نفي جزئية المنسي وتعلق الامر به واثبات الامر بالباقي لا وجه له، ولأجل ذلك نفى الشيخ جريان الحديث في نفي الجزئية، والتزم ببطلان العمل.
ولكن يقع الكلام في المقام الثاني تنزلا، فيبحث عن الدليل العام الدال على تعلق الامر بما عدا المنسي على تقدير إمكان ذلك. فنقول: الدليل المتوهم دلالته على ذلك بنحو عام هو حديث الرفع بكلتا فقرتيه - أعني: " رفع ما لا يعلمون " و: " رفع النسيان " -. وتحقيق الكلام فيهما:
أما: " رفع ما لا يعلمون "، فقد يقال فيه: ان جزئية المنسي في حال النسيان مجهولة، فيتكفل الحديث رفعها فيثبت ان الواجب هو الأقل في حق الناسي.
ولكن فيه: ان إجراء حديث الرفع إن كان بلحاظ حال النسيان، فلا معنى له، إذ لا جهل في حال النسيان للغفلة فلا موضوع للرفع. وان كان بلحاظ ما بعد زوال النسيان، فيقال: ان جزئية السورة المنسية - مثلا - مجهولة فعلا، فهي مرفوعة، فهو مما لا محصل له، إذ حديث الرفع يتكفل بيان المعذورية وعدم تنجيز التكليف في حال الجهل.
ومن الواضح انه لا معنى له بعد ظرف العمل، فلا معنى لبيان المعذورية فعلا بالنسبة إلى العمل السابق، إذ العمل السابق حين صدر إما كان صادرا بنحو يعذر فيه المكلف فلا حاجة إلى حديث الرفع. واما كان صادرا بنحو لا