وبذلك يختلف حال الاضطرار إلى غير المعين، وحال الاضطرار إلى المعين إذ لا يتأتى هنا العلم الاجمالي التدريجي.
وعلى القول بالاقتضاء، فالكلام فيه نفس الكلام فيما إذا كان سابقا على العلم من كونه منجزا لو التزم بثبوت الترخيص العقلي، وارتفاع منجزيته لو التزم بثبوت الترخيص شرعا. فلاحظ وتأمل جيدا والله سبحانه العاصم الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
التنبيه الثاني: فيما إذا كان أحد أطراف العلم الاجمالي خارجا عن محل الابتلاء عادة. والمهم في هذا الامر هو تحقيق مانعية الخروج عن محل الابتلاء من فعلية التكليف.
وأما أثر ذلك في منجزية العلم الاجمالي، فهو واضح لا يحتاج إلى بيان، فإنه إذا ثبت ان الخروج عن محل الابتلاء يمنع من فعلية التكليف، كان الحال فيه هو ما ذكر في الاضطرار إلى المعين بلا اشكال.
وعليه، فلا بد من صرف الكلام إلى ما هو المهم فيه، فنقول: ذهب الشيخ (رحمه الله) إلى أن الفعل إذا كان خارجا عن محل ابتلاء المكلف عادة، لم يصح تعلق التحريم به (1)، فلا يصح الامر بالاجتناب عن النجس أو الخمر الموجود في أقاصي بلاد الهند أو الصين.
وظاهره تخصيص الشرط بالمحرمات. وقد صرح بذلك المحقق النائيني - كما في تقريرات الكاظمي - فذهب إلى: ان الامر بالفعل الخارج عن محل الابتلاء لا محذور فيه، إذ قد تكون فيه مصلحة ملزمة تستدعي الامر به وتحصيل مقدماته البعيدة الشاقة، لان المفروض هو القدرة عليه عقلا (2).