إذن، فلا بد من فرض هاتين الجهتين مفروغا عنهما، والبحث في أن الأقل والأكثر من قبيل المتباينين فيجب الاحتياط، أم من قبيل الشبهة البدوية فلا يجب الاحتياط.
وبعد ان عرفت ذلك، نقول: إن الوجه الذي يرتكز عليه القائل بالاحتياط هو أمران:
الامر الأول: العلم الاجمالي بوجوب العمل المردد بين الأقل والأكثر، إذ العلم الاجمالي يوجب تنجيز كلا طرفيه فيجب الاتيان بالأكثر.
وأساس القول بالبراءة على الالتزام بانحلال العلم الاجمالي وعدم تأثيره.
وقد اختلفت كلمات الاعلام في هذا المجال تفصيلا واطلاقا.
ويمكننا ان نشير إلى المسالك المذكورة في تقريب الانحلال بأربعة وجوه:
الأول: الانحلال في حكم العقل - بمعنى الانحلال الحكمي الراجع إلى عدم تأثير العلم الاجمالي في التنجيز - بقيام العلم التفصيلي بتنجز الأقل وعدم تنجز الأكثر.
الثاني: الانحلال الحقيقي في حكم الشرع بقيام العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك في وجوب الأكثر.
الثالث: الانحلال الحكمي بجريان الأصل المؤمن في الأكثر بلا معارض، وهو يبتني على القول بالاقتضاء.
الرابع: الانحلال بواسطة حكومة دليل البراءة على أدلة الأجزاء والشرائط ، وهو ما ذهب إليه صاحب الكفاية (رحمه الله).
وقد نسب إلى الشيخ (رحمه الله) القول بالانحلال في حكم الشرع.
ببيان: ان الأقل معلوم الوجوب تفصيلا إما بالوجوب النفسي أو المقدمي الغيري، والأكثر مشكوك الوجوب فينحل العلم الاجمالي.