واستيفاء البحث في العلم الاجمالي وشئونه يستدعي التكلم في جهات..
الجهة الأولى: في حقيقة العلم الاجمالي وتعيين متعلقه.
وقد وقع البحث في ذلك، وان العلم الاجمالي هل يغاير العلم التفصيلي سنخا، أو انه لا يغايره إلا من ناحية المتعلق؟
وقد ادعي ان متعلق العلم هو الفرد المردد، ولكن المشهور خلافه، وان متعلق العلم هو الجامع والشك في الخصوصية، فالعلم الاجمالي مركب من علم تفصيلي بالجامع وشك بالخصوصية، وبذلك ينعدم الفرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي من حيث السنخ.
وقد اختار المحقق الأصفهاني ذلك لاجل ذهابه إلى امتناع تعلق العلم بالفرد المردد لوجهين:
الأول: ان الفرد المردد لا ثبوت له في أي وعاء لا ذهنا ولا خارجا، لا ماهية ولا هوية، لان كل شئ يفرض يكون معينا وهو هو لا مرددا بينه وبين غيره، ولا هو أو غيره - كما أشار إليه صاحب الكفاية في مبحث المطلق والمقيد (1) - وإذا كان الفرد المردد كذلك لم يكن قابلا لتعلق العلم به، بل يمتنع تعلقه به.
الثاني: ان حضور متعلق العلم بنفس العلم فان العلم من الصفات التعلقية، فلا يمكن دعوى حضور الخصوصية لأنها مجهولة على الفرض. ولا المردد، إذ لا يمكن أن يكون حاضرا في النفس لأنه خلف تردده. وهذا الوجه يبتني على فرض عدم تصور حضور الفرد المردد وثبوته في مرحلة تعلق العلم به مع قطع النظر عن عالم آخر (2).
والتحقيق: أنه يمكن دعوى تعلق العلم بالفرد المردد - في الجملة -،