إذا عرفت ذلك فاعلم: ان ما نحن فيه لا يكون من أحد هذه الموارد، لدوران الامر بين التعيين والتخيير، فان العلم الاجمالي بثبوت أحد الحكمين، واحتمال أهمية الوجوب على تقدير ثبوته واقعا ليس من قبيل العلم الاجمالي بلزوم الاخذ بإحدى الحجتين ويحتمل تعين إحداهما الملازم لعدم حجية الأخرى، كما أنه ليس من قبيل دوران الامر بين الاطلاقين مع العلم بتقيد أحدهما وعدم العلم بتقيد الاخر، ولا من قبيل دوران أمر التكليف بين تعلقه بخصوص عمل أو التخيير بينه وبين غيره، إذ لا يعلم بثبوت الوجوب، فقد لا يكون له ثبوت بالمرة، فلا يتم فيه أحد هذه الملاكات المتقدمة في دوران الامر بين التعيين والتخيير، بل لنا ان نقول إن المورد ليس من موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير، فلا وجه للالتزام بتعين محتمل الأهمية فيما نحن فيه.
ودعوى: ان تقديم محتمل الأهمية ليس بأحد هذه الملاكات، كي يقال بعدم انطباقها على المورد، بل بملاك مستقل في نفسه لا يرتبط بموارد دوران الامر بين التعيين والتخيير المعهودة، وهو ان حكم العقل بالتخيير انما هو بملاك ان إلزامه بأحدهما ترجيح بلا مرجح، وهذا البيان لا يتأتى مع احتمال أهمية أحدهما، فان إلزامه بأحدهما لا يكون من الترجيح بلا مرجح.
مندفعة: بان هذا البيان غير صحيح، لان المنظور في حكمه بالتخيير لاجل عدم صحة الترجيح بلا مرجح هو عدم المرجح بلحاظ مقام الإطاعة والعصيان، لعدم تنجز أحد الحكمين بالعلم الاجمالي - كما تقدم -، وإذا لم يترجح أحدهما بلحاظ هذا المقام كان كل منهما بنظر العقل على حد سواء. ومن الواضح ان احتمال أهمية الوجوب أو الحرمة، لا يكون موجبا لترجيح جانب الوجوب أو الحرمة على غيره في مقام الإطاعة، لعدم المنجز، لان نسبة العلم الاجمالي إلى كليهما على حد سواء، ومجرد الاحتمال لا يكون نافعا في التعيين.
وبالجملة: فما أفاده صاحب الكفاية لا يمكن ان نوافق عليه. فلاحظ.