لحكم العقل بالاحتياط، بل يكون المورد من قبيل موارد جريان قاعدة الفراغ مع العلم التفصيلي بالتكليف.
ولا يخفى ان هذا يختص بالأقل والأكثر الارتباطيين، إذ لا مجرى لقاعدة الاشتغال في الاستقلاليين، كي يحتاج إلى تعيين الواجب في ضمن الأقل.
فالتفت.
وعلى كل حال. فقد عرفت أن المحقق النائيني ذهب إلى أن استصحاب عدم الجعل لا يتكفل هذه المهمة، لأنه أصل مثبت بلحاظ هذه الجهة. ولكنه ذهب سابقا إلى اثبات تعيين الواجب هو الأقل بأصالة البراءة، وانها تتكفل اثبات الاطلاق الظاهري للمأمور به. ومن هنا قد يورد عليه بالتهافت في كلامه، إذ كيف تتكفل البراءة تعيين الواجب، ولا يتكفله الاستصحاب الا على القول بالأصل المثبت؟.
ولكن يمكن بيان الفرق بين البراءة والاستصحاب: بان المفروض في الاستصحاب كون المستصحب هو العدم بنحو العدم المحمولي، ومن الواضح انه لا يتكفل تعيين الواجب في الأقل الا بالملازمة العقلية. نعم لو جرى الاستصحاب في العدم النعتي ثبت تعيين الأقل، لان مفاده ذلك رأسا، إذ مفاده عدم اخذ الجزء في المركب المأمور به، ولكن عرفت المناقشة باختلال اليقين السابق الذي هو ركن من أركان الاستصحاب.
أما البراءة، فمفادها مفاد الاستصحاب الجاري في العدم النعتي. وقد عرفت أنه لا اشكال عليه من جهة انه أصل مثبت، بل الاشكال فيه من جهة أخرى، وذلك لان مفادها عدم جعل الجزء المشكوك في المركب المأمور به وعدم ارتباط التكليف المعلوم بالاجمال فيه، وهذا بنفسه يرجع إلى تعيين كون المأمور به هو الأقل. إذن فلا تهافت في كلامه.
وبذلك يظهر ان ما أفاده المحقق النائيني من عدم جريان أصالة عدم