وثانيا: على أخذه في موضوع الحكم في مقام جعله في مرتبة سابقة عليه، لما تقدم من سبق الموضوع على الحكم رتبة، وثالثا: على ورود الحكم على الموضوع المركب من المجموع.
ولا يخفى أن لحاظ الامر الأول منشأ لانتزاع جزئية الشئ من موضوع الغرض، ولحاظ الثاني منشأ لانتزاع جزئيته من الامر الملحوظ موضوعا للحكم، ولحاظ الثالث منشأ لانتزاع جزئيته من المأمور به بما هو مأمور به أو من السبب بما هو سبب.
وحيث كان هذا الأخير هو محل الكلام في المقام، لأنه القابل لاحتمال الجعل استقلالا أو تبعا لجعل الحكم، تعيين البناء على انتزاع الجزئية من الامر، وأنها من الإضافات التابعة لخصوصية كالسببية.
ولا معنى لسبقها على الحكم - كما سبق من شيخنا الأستاذ (قدس سره) - إلا أن يراد بها أحد الامرين الأولين، فيكون النزاع لفظيا، كما لا مجال لجعلها استقلالا ولا تبعا - كما سبق من بعض مشايخنا - لعدم الأثر لجعلها مع ذلك، نظير ما تقدم في السببية وأخواتها.
هذا، وربما يدعى أن الماهيات المخترعة للشارع الأقدس - كالصلاة والحج - مجعولة له في أنفسها باختراعها مع قطع النظر عن تعلق الحكم بها، فتكون جزئيتها مجعولة تبعا لجعلها في رتبة سابقة على الحكم لا تبعا له.
لكنه ممنوع، لان معنى اختراع الشارع للماهية تحديد مفهومها في عالم الذهن والتصور، لا جعلها اعتبارا كجعل الزوجية ونحوها، كيف وأجزاؤها أمور حقيقية غير قابلة للجعل التشريعي؟! ومن الظاهر أن التحديد المذكور لا يقتضي جعل جزئية الجزء، إذ ليس هو إلا تصور المجموع وفرضه أمرا