لكن لا مجال لانكار دلالته على ذلك.
وبالجملة: وضوح دلالة الاستثناء على ثبوت نقيض الحكم للمستثنى مانع من رفع اليد عنه بمثل هذه الاستعمالات الشائعة وكاشف عن ابتنائها على ما لا ينافيه إجمالا لو لم يتسن معرفته تفصيلا.
ومما يوضح ذلك ويؤكده ما اشتهر تبعا للمرتكزات الاستعمالية من دلالة الاستثناء على الحصر، إذ لا حصر مع كون المستثنى مسكوتا عنه.
ولا سيما وأنه لا يراد به دلالته على انحصار الحكم بما عدا المستثنى، بل على انحصار نقيضه بالمستثنى المبتني على المفروغية عن ثبوت النقيض له، بل كونه المقصود بالأصل منه، كما يناسبه حسن تأكيده بما يدل على انحصاره به، مثل (وحده) و (لا غير)، إذ انصراف التأكيد إليه شاهد بكونه هو المقصود بالأصل، وأن ذكر حكم المستثنى منه للتمهيد له. فلاحظ.
نعم، الحصر المذكور إنما هو بالإضافة إلى أفراد المستثنى منه دون غيرها، إلا أن يكون الاستثناء منقطعا، فيدل على الحصر بالإضافة إلى ما يناسبه مما يدخل معه ومع المستثنى منه تحت جامع عرفي واحد، فلو قيل:
ما في الدار رجل إلا حمار، كان ظاهره نفي وجود ما يناسب الحمار من غير أفراد الرجل، كالجمل والثور، لان الظاهر عدم خروج (إلا) فيه عن الاستثناء الذي لا يصح عرفا إلا بعموم المستثنى منه للمستثنى المستلزم لإرادة الجامع العرفي بينهما، كما ذكرنا.
وما في بعض الكلمات من كون (إلا) فيه بمعنى (لكن) بعيد عن المرتكزات الاستعمالية.