كلمة الاخلاص بقولنا: (وحده لا شريك له) هذا، وقد يستشكل في دلالتها على التوحيد بأن خبر (لا) إن قدر (موجود) لم تدل على امتناع إله غيره تعالى، وإن قدر (ممكن) لم تدل على فعلية وجوده تعالى.
وقد حاول غير واحد الجواب عن ذلك، ولعل أقرب الوجوه ما ذكره في التقريرات وغيرها من أنه لا يعتبر في التوحيد المعتبر في الاسلام إلا إثبات الألوهية له تعالى فعلا ونفيها عن غيره كذلك.
وأما نفي إمكان ألوهية غيره فهو بواسطة ملازمة واقعية لا يضر خفاؤها وعدم العلم بها في جريان حكم الاسلام، وليس الاذعان به مأخوذا في التوحيد الذي هو أول ركني الاسلام.
نعم، لا يبعد كونه من ضروريات الاسلام الزائدة على أركانه، فلا يعتبر الالتفات إليها والاذعان بها فيه، وإن كان إنكارها بعد الاطلاع على حالها من الدين موجبا للخروج منه، لمنافاته للاذعان به، كما يشهد به الرجوع لارتكازيات المتشرعة، وللاستدلال عليه في الكتاب والسنة بقضايا برهانية واضحة عند المسلمين كقوله تعالى: ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا﴾ (1).
على أنه لو فرض أخذ نفي إمكان ألوهية غيره تعالى في التوحيد الذي هو ركن الاسلام أمكن ذلك بحمل القضية على بيان الانحصار به تعالى خارجا مع كون الضرورة جهة لها بتمامها ارتكازا، لا أن الامكان قيد في موضوع عقد السلب منها، كي لا تدل على فعلية وجوده وألوهيته تعالى.