وعليه فدعوى ظهور القضية الشرطية فج اللزومية بهذا المعنى في غاية السقوط لا دعوى كونها اتفاقية.
وفيه: أولا: أن ما ذكره من عدم خروج الموجودين عن الفرضين المذكورين في كلامه لا يستلزم إنكار الاتفاقية التي لا علاقة بين طرفيها أصلا، حيث تتعين فيما إذا كان أحد طرفي الشرطية أو كلاهما نسبة منتزعة من مقام ذات الموضوع أو لازمها، نحو: إن كان الانسان ناطقا كان الحمار ناهقا، وإن كان زيد ممكنا كان شريك الباري ممتنعا، وإن كان زيد جميلا كانت الأربعة زوجا، وغيرها لوضوح أن النسبة المنتزعة من مقام الذات غير معلولة لأمر خارج عنها، لتردد بين الفرضين المذكورين في كلامه، بل هي قائمة بنفسها غير مرتبطة بغيرها.
وثانيا: أن امتناع الاتفاقية الحقيقية لا يستلزم كون المراد بها مطلق ما كانت العلاقة فيها غير ظاهرة بنظر العقل، بل قد يراد بها خصوص ما كانت العلاقة فيها غير ظاهرة أصلا ولو عرفا، كالعلاقة بين وجود زيد وجريان النهر، المستلزم لعدم قصد أدائها بالجملة الشرطية وتمحضها في بيان تقارن النسبتين، لان مجرد وجود العلاقة واقعا لا يوجب الظهور في الاستعمال فيها ما لم تقصد بالاستعمال، ولابد في قصدها من إدراكها، ويكون المراد باللزومية ما كانت العلاقة فيها مدركه ولو إجمالا عرفا وعقلا، كما في مثل: إذ أراد اله تعالى شيئا كان، أو عرفا فقط، كما في قولنا: إن وقع الثوب في الماء ابتل، فيقصد أداؤها بالجملة الشرطية زائدا على التقارن بين النسبتين، والظاهر أن هذا هو مراد من يدعي ظهور الشرطية في اللزومية.