ومثله ما ذكره سيدنا الأعظم (قدس سره) في جملة من عناوين الأمور الاعتبارية، من أن للعناوين المذكورة حقائق حقيقية، تارة: تنشأ تكوينا بفعلها في الخارج. وأخرى: تنشأ تكوينا ادعاء في مثل العقود والايقاعات. ولا تخرج بذلك عن كونها اعتبارية، لان الوجود الادعائي نوع من الاعتبار، من دون أن تختلف حقائق الأمور الخارجية عن حقائق الأمور الاعتبارية.
وقد يظهر ذلك من بعض المحققين، بل صرح: بان أسدية الشجاع اعتبارية للعرف كما أن ملكية الوارث اعتبارية لهم أو للشارع، خالطا بين الاعتبار والادعاء، مدعيا أن المفهوم الواحد كما يكون له مطابق حقيقي يكون له مطابق اعتباري. فراجع كلامه على غموض فيه.
ويظهر وجه ضعفه مما سبق من أن الادعاء مباين للاعتبار، ولذا يتعلق بما لا يقبله من الأمور الحقيقية، وبما يقبله من دون أن يقتضي وجودهما، كادعاء أن الشجاع أسد، وادعاء أن المطلقة رجعيا زوجة، والمزوجة متعة مستأجرة.
ولذا لا يكون الوجود الادعائي فردا حقيقيا للعنوان المدعى، بل يحتاج الحمل عليه إلى قرينة، بخلاف الوجود الاعتباري، حيث يكون فردا حقيقيا لعنوانه، كالوجود الخارجي لعنوانه.
كما يستغني كل منهما عن القرينة لو كان العنوان حقيقة فيه أو منصرفا إليه، ويحتاج إليها لو كان مشتركا لفظيا بينهما.
وبالجملة: لا ينبغي التأمل في اختلاف حقيقتي كل من الامر الحقيقي والاعتباري سنخا وتباين مفهوميهما، كما صرح به المحقق الخراساني (قدس سره)، ومباينة الاعتبار للادعاء.