بيان ذلك: أنه لا ريب في أن المصحح للتعبد الشرعي الظاهري بالشئ هو ترتب الأثر العملي عليه، بحيث يكون منشأ لحدوث الداعي العقلي للعمل، ويلغو بدون ذلك، إما لكونه أجنبيا عن مقام العمل، كطيران الطير في الجو، أو لمضي وقت العمل، كما لو شك بعد وطء المرأة في حيضها حين الوطء، أو لتعذر العمل، كما لو شك في طهارة الماء الذي يتعذر استعماله.
كما أنه تقرر في مباحث الأصل المثبت أنه لا بد في العمل الملحوظ في مقام التعبد الظاهري من كونه مترتبا بلحاظ القضايا الشرعية من دون توسط أمر خارج عنها، إما لكون الامر المتعبد به ظاهرا مجعولا للشارع ومنشأ لحدوث الداعي العقلي للعمل بلا واسطة - كالأحكام التكليفية - أو لكونه موضوعا لحكم شرعي يترتب عليه العمل، وإن لم يكن في نفسه مجعولا شرعيا، كالحيض الذي هو موضوع للأحكام التكليفية الخاصة.
وحينئذ يقع الكلام في المقام في أن الحكم الوضعي هل له نحو من الوجود مستند لجعل الشارع، ليمكن التعبد به ظاهرا، نفيا، أو إثباتا، بلحاظ كل من العمل المترتب عليه بلا واسطه، والمترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي؟
أو أن له نحوا من الوجود لا يستند للشارع، فلا يمكن التعبد به إلا بلحاظ العمل المترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي، دون المترتب عليه بلا واسطة؟
أو أن له نحوا من الوجود أصلا، فلا يترتب عليه العمل بنفسه، كما لا يكون موضوعا لحكم شرعي يترتب عليه العمل بواسطته، فلا يمكن التعبد به أصلا؟