لحفظ غرضه بالتكليف، وقصور بيانه عن إثبات دخل قصد التقرب فيه، فلا يتنجز حفظ الغرض من حيثيته بعين البيان المتقدم.
ومن هنا كان الظاهر على جميع المباني البناء على البراءة عند احتمال كون الواجب تعبديا، إما لان هذه المسألة من صغريات مسألة الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين - التي كان التحقيق فيها البراءة - أو لأنها نظيرها.
بل ربما كان جريان البراءة فيها أظهر منه في تلك المسألة، بناء على أن الفرق بين التوصلي والتعبدي في سنخ الامر، لما تقدم.
وقد تحصل من جميع ما تقدم أن التحقيق كون خصوصية التعبدية كسائر الخصوصيات المأخوذة في المتعلق، والتي يكون مقتضى الاطلاق نفيها، ومقتضى الأصل البراءة منها.
وإنما أطلنا الكلام فيها لكثرة الشبهات التي أثيرت حول ذلك من الأعيان والأكابر في العصور المتأخرة، والتي أوجبت تعقد هذه المسألة وغموض الحال فيها واضطراب مبانيها.
ونأمل منه تعالى أن نكون قد وفقنا للخروج منها بالوجه المناسب.
وهو ولي العصمة والسداد، ولا حول ولا قوة إلا به.
بقي في المقام أمور الأول: ذكرنا في الامر الثالث من مقدمات الكلام في هذه المسألة أنه يكفي في التقرب قصد ملاك المحبوبية وإن لم يقصد امتثال الامر.
ولا إشكال في الاكتفاء بذلك في التعبدي لو كان الدليل المثبت لكونه تعبديا ظاهرا في الاكتفاء بقصد التقرب، أما لو كان مجملا من هذه الجهة