وأخرى، على ما سبق من سيدنا الأعظم (قدس سره) من أن الإرادة التشريعية مرتبة من التكوينية، وأنها إرادة للفعل من حيثية تشريع التكليف وإيصاله فقط، لا من جميع الجهات كالتكوينية.
وثالثة: على ما سبق من بعض المحققين من عدم انتزاع التكليف الشرعي من الإرادة التشريعية لفعل الغير، بل من نفس البعث والزجر بداعي جعل الداعي، اللذين هما فعل المريد بالمباشرة، ومرادان له بإرادة تكوينية.
ورابعة: على ما سبق من بعض مشايخنا من أن حقيقة التكليف اعتبار المكلف به ذمة المكلف.
وخامسة: على ما ذكرناه في حقيقة الإرادة التشريعية المقومة للتكليف.
أما على الأول فقد ذكر بعض الأعيان المحققين (قدس سره) (1):
أن الفرق بين الحكم الإلزامي وغيره راجع إلى الفرق بين مرتبتي الإرادة الموجبة لهما تبعا لاختلاف الملاك الموجب لهما، فإن كان إلزاميا كانت الإرادة شديدة ينتزع منها الحكم الإلزامي، وإلا كانت الإرادة ضعيفة ينتزع منها الحكم غير الإلزامي.
ويشكل: بأن الإرادة لما كانت هي الشوق المستتبع لتحريك العضلات نحو المراد والسعي لتحصيله فهي وإن كانت قابلة للشدة والضعف، إلا أنها لا تنقسم إلى إلزامية وغيرها، بل عدم الالزام مستلزم لعدم فعلية الإرادة، لمنافاته الإرادة، لمنافاته لفعلية السعي نحو المراد الذي هو لازم لها، ولذا لا تنقسم الإرادة التكوينية إلى لزومية وغيرها، تبعا لاختلاف الملاك والغرض الموجب لها، بل مرجع عدم اللزوم في الشوق إلى محض الرغبة من دون أن