فالوجوب مسبب عن البعث من دون قرينة على كون الملاك غير لزومي، والاستحباب مسبب عن البعث مع القرينة على ذلك. وقد قاربه في ذلك بعض من تأخر عنه.
ولا بد أن يريد بالإطاعة ما يساوق عدم المعصية، لأنها الواجبة عقلا والتي يختص بها الأوامر الوجوبي، وإلا فالإطاعة بمعنى المتابعة للمولى تتحقق بموافقة الامر الاستحبابي، ولا تتصف بالوجوب عقلا، بل بمحض الحسن.
وحينئذ يشكل ما ذكره - مضافا إلى ما أشرنا إليه آنفا من منافاة الترخيص في الترك للإرادة - بأن التابع لصدق الإطاعة - بالمعنى المذكور - هو الوجوب العقلي المختص بالتكاليف الشرعية، والكلام إنما هو في الوجوب المولوي الذي هو المنشأ لصدق الإطاعة، وهو الطلب اللزومي الذي لا يختص بأوامر الشارع الأقدس، بل يجري في الأوامر العرفية، ومن الظاهر أنه تابع للطلب الصادر من المولى تبعا للملاك الداعي له، حيث يكون لزوميا تارة، وغير لزومي أخرى، ومع عدم المعين يكون محتملا للوجهين، ودليل الترخيص كاشف عن حاله، لا مقوم ثبوتا لعدم لزوميته، بحيث يكون عدم الدليل عليه مساوقا للزوم الطلب واقعا.
كيف، ولازم ذلك كون وصول دليل الترخيص موجبا لانقلاب الطلب من الوجوب إلى الاستحباب ثبوتا؟! ولا يظن الالتزام به منه ولا من غيره، إلا في موارد النسخ، والانقلاب به - لو تم - مسبب حقيقة عن نفس الترخيص، لا عن وصول دليله.
نعم قد يكون عدم وصول الدليل على الترخيص منشأ للبناء على كون الطلب إلزاميا ظاهرا، لأنه الأصل في الطلب، أو لغير ذلك مما يرجع إلى