تبلغ مرتبة الإرادة.
وأما ما ذكره من أن ذلك خلط بين الإرادة التشريعية والتكوينية، فهو كما ترى! إذ لا وجه لاختلافهما في ذلك بعد الاعتراف باتحاد حقيقتهما، وبعد اشتراكهما في اختلاف الملاك الموجب لهما في الالزام وعدمه، بل الأولى كون ذلك كاشفا عن اختلاف حقيقتيهما.
أما بعض الأعاظم (قدس سره) (1) فقد صرح بما ذكرناه من أن الإرادة وإن كانت قابلة للشدة والضعف، إلا أنها ما لم تشتد بحيث يترتب عليها تحريك العضلات لا تكون إرادة.
كما أن ظاهره اشتراك الوجوب والاستحباب في الإرادة، وفي ما يترتب عليها، وهو الخطاب المتضمن لايقاع المادة تشريعا على المكلف، وإنما يختلفان في المبادئ، حيث يكون إيقاع المادة على المكلف تشريعا مسببا تارة: عن مصلحة لزومية وأخرى: عن مصلحة غير لزومية.
أما وجوب الفعل فهو بحكم العقل، تبعا لصدق الإطاعة عليه، التي هي واجبة عقلا بنفسها. ويكفي في صدقها عليه صدور البعث من المولى من دون قرينة على كون مصلحته غير لزومية. أما مع قيام القرينة على ذلك بترخيص المولى في الترك فلا يصدق عنوان الإطاعة، ولا يكون واجبا، بل يكون مستحبا.
ومرجع ذلك إلى أن الوجوب والاستحباب وإن اشتراكا في الإرادة إلا أنهما يختلفان في الملاك الموجب لها، وفي منشأ الانتزاع المسبب عنهما،