نعم، قد تكون مرادة بإرادة نفسية غير تابعة لإرادة ذيها، فيقتصر المريد على تحقيقها، وحيث ذكرنا أنه كثيرا ما يعلم المولى بعصيان المكلف للمزاحمات الشهوية أو نحوها للداعي العقلي، امتنع أن يكون تشريع التكليف مسببا عن إرادة غيرية تابعة لإرادة المكلف به نفسيا، بل ذلك يكشف عن عدم تعلق الإرادة النفسية به وكون منشأ التكليف أمرا آخر.
أما بعض المحققين (قدس سره) (1) فقد أنكر الإرادة التشريعية في موارد التكاليف الشرعية - مع تفسيره الإرادة التكوينية بما يتعلق بفعل المريد نفسه، والإرادة التشريعية بما يتعلق بفعل الغير - لدعوى: أن الإرادة التشريعية إنما تتعلق بفعل الغير إذا كان ذا فائدة عائدة إلى المريد، لان شوقه إلى الفائدة يستتبع شوقه لذيها، وهو فعل الغير الاختياري، وحيث لم يكن فعل الغير مقدورا للمريد بلا واسطة، بل بتبع البعث والتحريك اللذين هما فعل المريد بالمباشرة، كانت إرادته سببا في إرادتهما وفعلهما.
أما إذا لم يكن لفعل الغير فائدة عائدة للمريد فيمتنع تعلق الشوق به، لامتناع تحققه بلا داع، وحيث كان تعالى مستغنيا بذاته امتنع في حقه الإرادة التشريعية، لعدم كون متعلقها - وهو فعل الغير - موردا للنفع له.
نعم، ربما يكون إيصال النفع إلى الغير بتحريكه - أمرا أو التماسا أو دعاء - ذا فائدة عائدة إلى الشخص، فينبعث الشوق إلى إيصال النفع بالبعث والتحريك، الذي هو فعل المريد بالمباشرة.
ولا وجه لعد مثله إرادة تشريعية بعد كون المراد هو إيصال النفع إلى الغير بتحريكه، وهو فعل المريد نفسه. إلا أن يكون محض اصطلاح.