الأولى: أنه يكفي في موافقة الامر والجري على مقتضاه تحقيق صرف الوجود للماهية المأمور بها مطلقة كانت أو مقيدة، ولا يعتبر استيعاب أفرادها بخلاف النهي، حيث لابد من موافقته، والجري على مقتضاه من استيعاب تمام أفراد الماهية المنهي عنها بالترك، ولا يكفي ترك بعضها مع فعل غيره.
الثانية: أن مقتضى الامر الجري عليه وموافقته - بتحقيق صرف الوجود - في بعض أزمنة وجوده.
أما النهي فهو يقتضي الجري عليه - بترك تمام أفراد الطبيعة - في تمام أزمنة وجوده، ولا يكفي ترك تمام الافراد في بعض أزمنة وجوده مع فعل شئ منها في بقيتها.
والظاهر أن الفرق المذكور ليس عقليا ممتحضا لمقام الطاعة ومن شؤون الامتثال، مع عدم اختلافها في مقام الجعل، بل هو متفرع ثبوتا على الفرق بينهما في مقام الجعل تبعا للفرق بينهما في الملاك، وإثباتا على ظهور دليل كل منهما فيما يناسبه.
ومن هنا يقع الكلام في وجه الفرق بينهما من الجهتين المذكورتين وقد سبق في مقدمة الكلام في هذا المقصد أن الفرق بين الأمر والنهي ليس من جهة المتعلق، بل متعلقهما واحد، وهو الطبيعة، وليس الاختلاف بينهما إلا ذاتيا مستتبعا للفرق في الاقتضاء، فالامر يقتضي الفعل والنهي يقتضي الترك، فلابد من استناد الفرق بينهما لذلك.
وقد ذكروا في منشأ الفرق المذكور وجوها لا يخلو بعضها عن إشكال في نفسه، وبعضها وإن كان تاما في نفسه إلا أن الفرق لا يستند إليه ارتكازا،