وبكلمة، أن الشك في القدرة يتصور على نحوين:
الأول: أن يكون الشك فيها في موارد يكون أصل ثبوت التكليف في تلك الموارد مشكوكا فيه كما في المقام، فإن المكلف لا يعلم بوجوب الصلاة مع الطهارة المائية على تقدير الاتيان بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت ولا يعلم بدخولها في الذمة من الأول.
الثاني: أن يكون الشك في القدرة على امتثال ما تنجز من التكليف ودخل في العهدة، ومورد الشك في القدرة الذي هو مجرى الاحتياط عقلا، الثاني دون الأول، إذ لا موجب لكونه موردا لأصالة الاحتياط بعد ما كان الشك في أصل ثبوت التكليف، فإن المكلف إذا ترك الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت فقد علم بوجوب الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، وأما على تقدير الاتيان بها فوجوبها مشكوك فيه، وهذا من الشك في أصل ثبوت التكليف وهو مورد لأصالة البراءة دون أصالة الاحتياط، وإن كان منشأه الشك في القدرة، إذ لا فرق بين أن يكون منشأ الشك في أصل ثبوت التكليف الشك في القدرة أو من جهة أخرى، طالما لا يرجع إلى الشك في القدرة على امتثال ما ثبت وتنجز من التكليف، فإذا رجع إليه فهو مورد لأصالة الاحتياط، باعتبار أنه من موارد الشك في السقوط بعد الثبوت، ولا فرق فيه بين أن يكون منشأه الشك في القدرة أو من جهة أخرى، وأما إذا لم يرجع إليه فهو من موارد أصالة البراءة، فما هو المشهور من أن موارد الشك في القدرة من موارد أصالة الاحتياط مطلقا غير تام.
وأما الوجه الثاني، فالأمر في المسألة لا يدور بين التعيين والتخيير، فإن دورانه بينهما مبني على أن الأمر إما أن يكون متعلقا بالجامع بين العمل