المزاحمة بانتفاء منشأها، وإذا انتفت المزاحمة وجب الاستباق من جهة أن سقوطه من جهة المزاحمة، ومع فرض انتفائها فلا موجب لسقوطه، فإذن يلزم من فرض وجوب الاستباق عدم وجوبه وهو محال (1)، ووجه الغرابة أن ما ذكره (قدس سره) مبني على تخيل أن مفاد الآية الشريفة وجوب الاستباق على كل مكلف إلى إيجاد جميع الأعمال الخيرية، وحيث إنه غير مقدور فتقع المزاحمة بينها، ولكن من الواضح أن ذلك ليس مفاد الآية، ضرورة أن مفادها توجه الأمر إلى المكلفين جميعا بإيجاد أنواع الخيرات كذلك، ومقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع، فيكون معنى الآية أن كل مكلف مأمور بإيجاد ما هو مقدور من الأعمال الخيرية، وإن عليه أن يتسابق فيه على الآخرين، هذا إضافة إلى أن وجوب التسابق على كل فرد من أفراد المكلف بإيجاد تمام أنواع الخيرات تكليف بغير المقدور فكيف يمكن جعله من المولى الحكيم، والتزاحم انما هو بين التكليفين المجعولين في الشريعة المقدسة في مرحلة الامتثال اتفاقا لا دائما وإلا كان بينهما تعارض، فلا يمكن جعل كليهما معا، وأيضا لو فرضنا وقوع المزاحمة بينها، فيكون الساقط عندئذ وجوب التسابق في الجميع لا في البعض الذي يكون التسابق فيه مقدورا، وعليه فمقتضى مرجحات باب التزاحم ترجيح وجوب التسابق بالأهم فالأهم، فما في كلامه (قدس سره) من أنه إذا سقط وجوب التسابق انتفت المزاحمة، فإذا انتفت المزاحمة عاد وجوب التسابق، لا ينبغي صدوره من مثله، فإن انتفاء المزاحمة ليس معلولا لانتفاء وجوب التسابق، بل الأمر بالعكس تماما، لأن سقوط وجوب التسابق في الجميع معلول لوقوع التزاحم الناجم من عدم قدرة المكلف عليه، فإذن لا محذور، فإن وجوب التسابق في الجميع قد سقط لمكان عدم القدرة، ووجوب
(٣٥٧)