فإذن يكون مفادها ارشاد إلى ما استقل به العقل من وجوب التوبة (1).
وفيه أن هذا الاشكال متين ومبني على ما أشرنا إليه في مستهل البحث من أنه لا يبعد أن يكون المراد من المغفرة غفرانه تعالى العبد والتجاوز عن سيئاته، وحيث إن الواجبات الشرعية ليست من أسباب محو الذنوب وإزالة السيئات عن العبد فلا تكون مشمولة للآية الشريفة، وعندئذ إما أن تكون الآية مختصة بالتوبة، باعتبار أنها من أظهر أسباب غفران الذنوب ومحوها أو تعم سائر أسبابه أيضا ولا يبعد العموم.
وأما الآية الثانية، فلأن الظاهر منها عرفا هو أنه تعالى أمر عباده بالتسابق إلى المشروعات الخيرية العامة كتشييد المدارس الدينية والمساجد والحسينيات والجسور العامة ونحوها، حيث إن على كل واحد منهم أن يسبق الآخر في تلك الأعمال، وعليه فالأمر في الآية الشريفة متوجه إلى كل واحد منهم بالمسابقة في الخيرات لا بفعلها ابتداءا، وعلى هذا فمفاد الآية الشريفة أجنبي عن الواجبات الشرعية ولا ينطبق عليها، باعتبار أن فيها كل فرد مأمور بالاتيان بها مستقلا وابتداء وهذا الاشكال في محله.
ثم أن من الغريب ما ذكره المحقق العراقي (قدس سره) في المقام وحاصل ما ذكره، أن الآية الشريفة تدل على وجوب الاستباق إلى الأعمال الخيرية جميعا، وحيث إن كل فرد من المكلف لا يتمكن من إيجاد جميع الأعمال الخيرية فلا محالة تقع المزاحمة بينها الناشئ من عدم قدرته على ذلك، وعندئذ فيسقط وجوب الاستباق على أساس المزاحمة وعدم القدرة، فإذا سقط وجوب الاستباق انتفت