الاتيان بالصلاة مثلا وأتى بها فقد استحق مثوبتين:
مثوبة على الصلاة ومثوبة على المسارعة وهو كما ترى، مع أن هذا ليس مقصود المستدل، فإن مقصوده من الاستدلال بها، اثبات فورية وجوب الصلاة ونحوها، لا أن المسارعة واجبة مستقلة في الشرع.
والخلاصة: أن الأمر بالمسارعة ارشاد إلى ما استقل به العقل ولا شأن له غير شأن المرشد إليه، فإن كان وجوبها فوريا فالمسارعة إليها واجبة بحكم العقل، باعتبار أن الأمر بها ارشاد إليه، وإن لم يكن وجوبها فوريا لم تجب المسارعة إليها بحكم العقل، فإذن لابد من إثبات وجوب الأعمال الواجبة فوري أو أنه غير فوري في المرتبة السابقة، لأن الأمر بالمسارعة تابع له في ذلك، ولهذا لا مجال للاستدلال بالآية الشريفة على الفور.
ورابعا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أن الآية تدل على الفور، إلا أن معنى ذلك دلالة الأوامر على الفور بقرينة خارجية وهذا لا كلام فيه، وإنما الكلام في دلالتها على الفور في نفسها إما بالوضع أو بالاطلاق ومقدمات الحكمة أو بحكم العقل، والمفروض أنها لا تدل عليه كذلك كما مر، هذا إضافة إلى أن تطبيق الآية الشريفة على الواجبات الشرعية لا يخلو عن اشكال بل منع، لأن الواجبات الشرعية على قسمين:
الأول: موقت. والثاني: غير موقت.
أما القسم الأول، فهو لا يخلو من أن يكون وقته مضيقا بأن لا يزيد الوقت على مفعول العمل أو متسعا، فعلى الأول فهو خارج عن محل الكلام، إذ لا موضوع فيه للفور أو التراخي كالصوم في شهر رمضان ونحوه. وأما على الثاني، فمقتضى ما دل على أن وقته متسع، هو تخيير المكلف في الاتيان به في أي فترة من