قولك العالم ليس بموجود لا يصدق إلا بانعدام تمام العلماء (1) هذا.
ولكن لا يمكن المساعدة عليه، وذلك لأن الحرمة المتعلقة بالطبيعة إذا كانت واحدة فلا محالة يكون المطلوب منها صرف تركها وهو يتحقق بأول الترك، وذلك لأن المفسدة الملزمة لا تخلو من أن تكون قائمة بصرف وجود الطبيعة أو بمطلق وجودها المنحل إلى وجودات متعددة أو بحصة خاصة منها ولا رابع في البين، أما على الاحتمال الأول فالحرمة بما أنها متعلقة بصرف وجود الطبيعة كما هو المصرح به في هذه المقالة فيكون الحرام والمبغوض هو صرف وجودها، ونتيجة ذلك أن المكلف إذا عصى وأوجد تلك الطبيعة في ضمن فرد منها، فلا يكون إيجادها بعد ذلك محرما ومبغوضا، لأن المبغوض والمحرم هو صرف الوجود ولا يكون وجودها الثاني مصداقا له، هذا إضافة إلى أن نقيض صرف الوجود صرف الترك، وصرف الترك بالنسبة إلى الأفراد الطولية يتحقق في الآن الأول، والترك في الآن الثاني ترك للفرد الثاني ونقيض له لا للأول، وأما أن اعدام الطبيعة لا يمكن إلا باعدام جميع أفرادها كما في الكفاية (2)، فهو مبني على الخلط بين العدم المضاف إلى ذات الطبيعة وهي الطبيعة المطلقة والعدم المضاف إلى صرف وجودها، فإن الأول نقيض للطبيعة المطلقة ولا يتحقق إلا بترك تلك الطبيعة، ومن المعلوم أن ترك الطبيعة المطلقة لا يمكن إلا بترك جميع أفرادها، والعدم الثاني نقيض لوجودها الأول المتمثل في صرف وجودها وليس نقيضا لوجودها الثاني والثالث وهكذا.
وأما على الاحتمال الثاني فبما أن المفسدة الملزمة قائمة بمطلق وجود الطبيعة