أظهرها الاتيان بالواجبات الإلهية، فإذن تجب المسارعة إليها، وهذا هو معنى وجوبها فورا، وللمناقشة في دلالتها مجال واسع، أما أولا فلأن في الآية احتمالان:
الأول: أن يكون المراد من المغفرة فيها رضوانه تعالى وجنته المعلى.
الثاني: غفرانه تعالى عباده وتجاوزه عن سيئاته.
أما على الاحتمال الأول، فيكون الاتيان بالواجبات من أسباب الدخول في الجنة كسائر أسبابه، وأما على الاحتمال الثاني، فلا يكون الاتيان بها من أسباب غفرانه تعالى وتجاوزه عن السيئات، لأن المكلف إن أتى بتلك الواجبات استحق الثواب والدخول في الجنة بفضله سبحانه، وإن عصى وترك هذه الواجبات استحق العقوبة والدخول في النار، فالنتيجة، أن الاتيان بالواجبات الإلهية ليس سببا لمحو الذنوب السابقة وإزالتها من صحائف الأعمال، وعلى هذا فالآية الشريفة لو لم تكن ظاهرة في الاحتمال الثاني فلا ظهور لها في الاحتمال الأول فتكون مجملة، فلا يمكن الاستدلال بها.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أنها ظاهرة في الاحتمال الأول، ولكن يرد عليها أن أسباب المغفرة كثيرة منها الاتيان بالواجبات ومنها التوبة ومنها الاعمال المستحبة بأنواعها المختلفة واشكالها المتعددة، ومن الواضح أن المسارعة إلى الأعمال المستحبة غير واجبة، فإذن لا محالة يكون الأمر بالمسارعة في الآية مستعملا في الجامع بين الوجوب والندب، فلا يدل على الوجوب فإذن الوجوب بحاجة إلى قرينة.
وثالثا: أن الأمر بالمسارعة أمر ارشادي ولا يحتمل أن يكون أمرا مولويا نفسيا، بأن تكون المسارعة واجبة مستقلة في الشريعة المقدسة كالصلاة ونحوها، بحيث يستحق العقوبة على تركها والمثوبة على فعلها، فإذا سارع إلى