الأمرين بون بعيد، فلذلك ترجع القضية الحقيقية التي أخذ موضوعها مفروض الوجود إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له، باعتبار أن الموضوع فيها قد أخذ في موضوع الفرض والتقدير، فلهذا يكون بمثابة الشرط، والحكم المجعول له بمثابة الجزاء والتالي، وأمثلة ذلك كثيرة في القيود الاختيارية وغير الاختيارية.
أما الأولى فمنها الاستطاعة التي هي موضوع لوجوب حجة الاسلام، فإنها قد اخذت في الآية الشريفة مفروضة الوجود في الخارج، ومعنى ذلك أنها قيد للحكم في مرحلة الجعل ولا تصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، وحينئذ فإذا وجدت الاستطاعة في مادة شخص في الخارج صار وجوب الحج فعليا عليه بفعلية موضوعه وهو الاستطاعة.
ومنها، السفر فإنه موضوع لوجوب القصر ومأخوذ مفروض الوجود في مرحلة الجعل، لأنه قيد للحكم في هذه المرحلة، ولا تصاف القصر بالملاك في مرحلة المبادئ.
ومنها، قصد إقامة عشرة أيام في مكان، فإنه موضوع لوجوب التمام على المسافر والصيام في شهر رمضان، لأنه قيد للوجوب في مقام الجعل وللاتصاف بالملاك في مرحلة المبادئ.
ومنها، العقود والايقاعات التي هي موضوعات للاحكام الوضعية المأخوذة مفروضة الوجود في مرحلة الجعل وهكذا، ومعنى ذلك أنه لاحكم قبل وجود الموضوع وإلا لزم الخلف، وأما القيود غير الاختيارية، فمنها العقل والبلوغ والوقت وما شاكل ذلك، ثم أن القيد إن كان اختياريا، فإن كان دخيلا في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، فلابد من أخذه مفروض الوجود في مرحلة