ويمكن المناقشة فيه بأن طبيعي الفعل الذي تعلق به الأمر يصدق على فعل الغير كما يصدق على فعل المكلف بنفسه، وأما أن صدوره وإيجاده منه في الخارج قيد للواجب ودخيل في الملاك القائم به فهو يختلف باختلاف الموارد وليس لذلك ضابط كلي، فإن مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية تارة يقتضي أن النسبة الصدورية مأخوذة في متعلق الأمر كالمعنى الاسمي وبنحو الموضوعية وأخرى تقتضي أنها مأخوذة فيه كالمعنى الحرفي وبنحو الطريقية بدون دخل لها في الواجب وملاكه، مثلا إذا أمر المولى بانفاق الفقراء موجها أمره إلى فرد خاص أو جماعة مخصوصة، كان المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية أن النسبة الصدورية ملحوظة في الانفاق كالمعنى الحرفي وبنحو الطريقية بدون دخل لها في الواجب وملاكه، باعتبار أن الغرض الداعي إلى الأمر مرتب على الانفاق عليهم من أي مصدر كان، فإذا قام فرد خاص أو جماعة أخرى بالانفاق على هؤلاء حصل الغرض فيسقط الأمر، وهذا يكشف عن أن الواجب هو الجامع لا خصوص فعل المكلف.
وإن شئت قلت: أنه لا مانع من تعلق الأمر بالجامع بين فعل المكلف نفسه وفعل الغير ثبوتا كما مر، وأما اثباتا فهو يختلف باختلاف الموارد وليس لذلك ضابط كلي، فلابد في كل مورد من ملاحظة مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية في ذلك المورد، فإنها قد تقتضي الاطلاق وعدم الموضوعية لحيثية الصدور من الفاعل وقد تقتضي التقييد والموضوعية للحيثية المذكورة، وعليه فما ذكره بعض المحققين (قدس سره) من أن النسبة الصدورية مأخوذة في متعلق الأمر بنحو الموضوعية والقيدية (1) لا يتم مطلقا، بل هو يختلف باختلاف الموارد كما عرفت،