وأما في مقام الاثبات، فقد ذكر السيد الأستاذ (قدس سره) أنه على تقدير تسليم اطلاق المأمور به في مقام الثبوت وسعة دائرته فيه لفعل الغير، إلا أن اطلاق الدليل في مقام الاثبات لا يكون كاشفا عنه، لأن الأمر عندئذ يدور بين التعيين والتخيير ومقتضى الاطلاق التعيين، لأن التخيير في المقام الراجع إلى جعل فعل الغير عدلا لفعل المكلف نفسه يحتاج إلى عناية زائدة وقرينة.
ويمكن المناقشة فيه، أن الأمر في المقام لا يدور بين التعيين والتخيير بهذا المعنى بل الأمر يدور بين اطلاق المادة لفعل الغير وتقييدها بخصوص فعل المكلف، على أساس أن المادة بعنوانها تشمل فعل الغير وتنطبق عليه، إلا أن الكلام في أن هناك قرينة على تقييدها بخصوص فعل المكلف أو لا، فإذا لم تكن قرينة على ذلك فلا مانع من تعلق الأمر بالجامع بنحو صرف الوجود في مقام الاثبات الكاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت، فإذن مقتضى الاطلاق فيما إذا شك في سعة دائرة الواجب وضيقها هو السعة هذا.
وذهب بعض المحققين (قدس سره) إلى أن هناك قرينة على تقييد اطلاق المادة بخصوص فعل المكلف، بتقريب أن نسبة المادة إلى الفاعل (وهي النسبة الصدورية) متعلقة للأمر المتوجه إلى فاعلها، فإذا كان صدور الفعل من الفاعل متعلقا للأمر وموردا له فلا ينطبق الواجب على فعل الغير، باعتبار أنه لا يصدر ولا يكون مستندا إليه ولو بالتسبيب.
والخلاصة: أن النسبة الصدورية المأخوذة في متعلق الأمر لا تحقق بتحقق الفعل من الغير بدون استناده إلى المكلف (1).