لتحصيل اليقين بالنبوة لاستلزامه الدور كما مر تفصيله.
نعم، أن هذه القضية العقلية بما أنها قضية ارتكازية ثابتة في أعماق نفوس الناس فطرة، فإنهم إذ رأوا معجزة من الله تعالى بيد من يدعي النبوة حصل لهم اليقين بالصدق أتوماتيكيا وفطرة لا برهانيا، ولكن بامكانهم أن يبرهنوا هذا اليقين الحاصل بالصدق وجدانا وفطرة بالكبرى المذكورة وهي قبح جريان المعجزة على يدي الكاذب.
السادسة: أن ما ذكره الأشاعرة من أن أفعاله تعالى لا تتصف بالظلم على أساس أنها تصرف في ملكه، والظلم إنما هو التصرف في ملك الغير وهو غير متصور في أفعاله تعالى، وأيضا ليس للعبد أن يعين الوظيفة لله عز وجل بأن يحكم بأنه لا يجوز له تعالى الظلم.
لا يرجع إلى معنى محصل، أما بالنسبة إلى الأمر الأول فلان معنى الظلم سلب ذي الحق عن حقه، وكل فعل ينطبق عليه هذا العنوان فهو ظلم سواءا كان في ملكه أم في ملك غيره كان فعله تعالى أم فعل غيره، لوضوح أنه لا ملازمة بين كون التصرف في ملك غيره وكونه ظلما، كما أنه لا ملازمة بين كون التصرف في ملكه وكونه عدلا، وأما بالنسبة إلى الأمر الثاني، فلأنه مبني على الخلط بين العقل العملي والعقل النظري، فإنه تعالى لا يكون محكوما بالعقل العملي كاستحقاق المدح والذم على ما ينبغي وما لا ينبغي، وأما العقل النظري فلأنه كما يدرك وجوده تعالى وصفاته كذلك يدرك أن صدور الظلم منه لا يمكن.
السابعة: أن المحقق الخراساني (قدس سره) قد حاول لحل مشكلة قبح عقاب العاجز، بأن العقاب يتبع الكفر والعصيان التابعان لمقدماتهما الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما والذاتي لا يعلل، وهذه المحاولة خاطئة جدا ولا واقع