أما التعليق على الجواب الأول فهو بعينه التعليق على المحاولة الأولى من صدر المتألهين في المسألة حرفا بحرف فراجع ولا نعيد.
وأما استشهاده (قدس سره) بالآيات والروايات على ذلك فهو غريب جدا، لما تقدم من أن الآيات والروايات قد صرحتا بأن العقاب من معاقب خارجي وبيد المولى أو اختياره، لا أنه من لوازم الأعمال الغير المنفكة عنها، وأما قوله تعالى:
(إنما تجزون ما كنتم تعملون) (1)، فلا يدل على ذلك بل لا أشعار فيه فضلا عن الدلالة، لأن مفاده جزاء الناس بأعماله، وأما كونه من آثارها ولوازمها التي لا تتخلف عنها، فهو لا يدل عليه بوجه.
وأما قوله (عليه السلام): " إنما هي أعمالكم ترد إليكم "، فهو وإن كان ظاهرا في تجسم الأعمال إلا أنه مع ذلك يحتمل قويا أن يكون المراد ما يرد إليكم جزاء الأعمال لأنفسها، وكيف كان سواءا أفيه القول بتجسم الأعمال في الآخرة أم لا، فالرواية لا تدل على أن العقاب ليس من معاقب خارجي، إذ لا تنافي بين القول بتجسم الأعمال وكونه بيده تعالى واختياره.
وأما على الجواب الثاني فلأن الإرادة لا يمكن أن تكون علة تامة للفعل لأنها بتمام مبادئها غير اختيارية، فلو كانت علة تامة للفعل فبطبيعة الحال يكون ترتبه عليها قهريا وبغير الاختيار، فإذن كيف يمكن العقاب عليه، ومن الواضح أنه لا يكفي في اختيارية الفعل مجرد كونه مسبوقا بالإرادة، فإن تسمية ذلك بالفعل الاختياري إن كانت مجرد اصطلاح فلا مشاحة فيه، إلا أنه لا يحل المشكلة وهي قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار، وإن كانت بلحاظ أن ذلك يكفي في كون الفعل اختياريا في مقابل الفعل الصادر بدون الإرادة، فيرد عليه أن ذلك