العقاب من الحكيم المختار على ما لا يكون بالآخرة بالاختيار، وفي الآيات والروايات تصريحات وتلويحات إلى ذلك، فقد تكرر في القرآن الكريم: (إنما تجزون ما كنتم تعملون) (1)، وقوله (عليه السلام): " إنما هي أعمالكم ترد إليكم " (2).
الثاني: أن المثوبة والعقوبة من مثيب ومعاقب خارجي كما دل على ذلك ظاهر الكتاب والسنة، وتصحيحهما بعد صحة التكليف بذلك المقدار من الاختيار في غاية السهولة، إذ كما أن المولى العرفي يؤاخذ عبده على مخالفة أمره كذلك المولى الحقيقي، لوضوح أن الفعل لو كان بمجرد استناده إلى الواجب تعالى غير اختياري وغير مصحح للمؤاخذة لم تصح مؤاخذة المولى العرفي أيضا، وإذا كان في حد ذاته قابلا للمؤاخذة عليه، فكون المؤاخذة ممن انتهت إليه سلسلة الإرادة والاختيار لا يوجب انقلاب الفعل عما هو عليه من القابلية للمؤاخذة ممن خولف أمره ونهيه.
الثالث: أن الحكم باستحقاق العقاب ليس من أجل حكم العقلاء به حتى يرد علينا اشكال الانتهاء إلى مالا بالاختيار، بل نقول بأن الفعل الناشئ عن هذا المقدار من الاختيار مادة لصورة أخروية والتعبير بالاستحقاق بملاحظة أن إفاضة تلك الصورة المؤلمة المحرقة التي تطلع على الأفئدة منه تعالى بتوسط ملائكة العذاب، فلا ينافي القول باللزوم مع ظهور الآيات والروايات في العقوبة من معاقب خارجي.
ولنا تعليق على هذه الأجوبة جميعا.