وتدعوه إلى اختيار الايمان والإطاعة.
مدفوعة، بأن هاتين القوتين المتعارضتين وإن كانتا موجودتين في كل انسان بعد مضي برهة من عمره لا منذ تولده ووجوده، إلا أن المراد من صفتي الشقاوة والسعادة ليس هاتين القوتين المتحاربتين، وإلا لزم كل انسان شقيا وسعيدا معا وفي آن واحد وهو باطل جزما. بداهة أنه لا يصدق على الشقي عنوان السعيد وبالعكس. نعم، أن القوى الشيطانية منشأ للشقاوة والقوى الرحمانية منشأ للسعادة.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أن صفتي الشقاوة والسعادة ليستا من الصفات الذاتية للانسان لا بنحو العلة التامة ولا بنحو الاقتضاء.
وأما الرواية الثانية وهي أن الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فهي لا تدل على أنهما صفتان ذاتيتان للانسان، لوضوح أنها غير ناظرة إليهما لا تصريحا ولا تلويحا، بل هي ناظرة إلى مطلب آخر وهو أن أفراد الانسان مختلفة في القيم الانسانية كاختلاف الذهب والفضة، فكما أن الذهب والفضة مختلفان في جوهر ذاتهما اختلافا فاحشا فكذلك أفراد الانسان، فإنها مختلفة في القيم الانسانية والكمالات النفسانية اختلافا كبيرا كاختلاف الذهب والفضة، فانسان من حيث الكمالات النفسانية والاخلاق الحسنة كالذهب عند المجتمع وانسان كالفضة عندهم، فالنتيجة أن الرواية بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية ناظرة إلى اختلاف أفراد الناس في الكمالات النفسانية والأخلاق الحميدة كاختلاف الذهب والفضة ولا نظر لها إلى أن صفتي الشقاوة والسعادة من الصفات الذاتية للانسان.
وأما النقطة الخامسة: فقد ظهر خطأها من ناحيتين: