على سطح الكرة أو انعقاده في الرحم.
فالنتيجة، أن الشقاوة والسعادة صفتان عارضتان على الانسان المنتزعتان من الأعمال الخارجية وليستا من الصفات الذاتية لا بنحو العلة التامة ولا بنحو الاقتضاء.
وبكلمة واضحة أن الانسان منذ تكونه في بطن أمه أو وجوده على سطح هذا الكوكب لا توجد لديه أية صفة من الصفات النفسانية والملكات الحميدة والرذيلة والقوى العقلانية والشهوانية ما عدى حياته الحيوانية، وتحصل هذه الصفات والملكات والقوى له بالتدريج بمرور الأيام وطول الزمان في حياته الاعتيادية، ومن الطبيعي أن صفتي الشقاوة والسعادة لو كانتا ذاتيتين له، لكان الانسان واجدا لهما منذ تولده على سطح الكرة أو تكونه في الرحم وهو كما ترى، ومن هنا لا يصح اطلاق الشقي عليه منذ تولده ووجوده وكذلك السعيد. وعلى هذا الضوء فلا مناص من الالتزام بأنهما كسائر الملكات النفسانية تحصل لنفس الانسان من مزاولة الأعمال الخارجية، مثلا تحصل صفة الشقاوة لها من مزاولة الأعمال السيئة وصفة السعادة من مزاولة الأعمال الحسنة وليس لهما واقع موضوعي غير ذلك.
وبذلك يتبين أنه لابد من حمل الصحيحة على ذلك بقرينة هذا البيان التحليلي وبقطع النظر عما ورد في تفسيرها وبيان المراد منها، ودعوى أن المراد بصفة الشقاوة هو الملكات الخبيثة ونقصد بها القوى الشهوانية وقد يعبر عنها بجنود الشيطان، على أساس أنها تبعث الانسان وتحركه نحو اختيار الكفر والعصيان على سبيل الاقتضاء، والمراد بصفة السعادة هو الملكات الحميدة ونقصد بها القوى العقلانية وقد يعبر عنها بجنود الرحمان، على أساس أنها تبعث الانسان