فعله طالما أنه حي وقادر وملتفت.
الثانية: أن ما ذكر من أن فعل العبد ممكن والممكن مقدور لله تعالى ولا شيء مما هو مقدور له تعالى بواقع تحت قدرة العبد لا يرجع إلى معنى محصل، لأن فعل العبد مقدور له تعالى بالواسطة ومع ذلك واقع بقدرة العبد مباشرة ولا تنافي بين الأمرين أصلا.
الثالثة: أن ما قيل من أن عادة الله قد جرت على إيجاد فعل العبد عند قدرته واختياره إبداعا وإحداثا بدون التأثير لقدرته فيه، لا يرجع إلى معنى معقول على ما تقدم تفصيله.
الرابعة: أن كلمات الفلاسفة متفقة على أن ملاك اختيارية الفعل هو ارتباطه بالإرادة وخضوعه لها بنحو خضوع المعلول بالعلة التامة.
ولكن قد تقدم أن الإرادة مهما كانت لا يمكن أن تكون علة تامة للفعل وإلا فلا يكون الانسان مختارا في أفعاله، على أساس أن الإرادة بما أنها بتمام مقدماتها غير اختيارية وناشئة بالضرورة من عللها المنتهية إلى الذات الواجبة، فكيف يعقل أن تكون الأفعال المترتبة عليها اختيارية، ضرورة أنه لا فرق حينئذ بين حركة يد المرتعش وحركة الأصابع، فإن الكل مترتب على عامل غير اختياري ترتب المعلول على العلة التامة، وعليه فلا فرق بينهما إلا في مجرد الاصطلاح وهو لا يجدي في صحة المحاسبة والعقاب وصحة التكليف، فإن كل ذلك إنما هو على الفعل الاختياري واقعا لا اصطلاحا الذي لا يكون اختياريا واقعا.
الخامسة: الصحيح أن الإرادة مهما بلغت لا تصلح أن تكون علة تامة للفعل بأن يكون الفعل خاضعا لها وجودا وعدما لأمرين: