المعلق - ويرى جواز تعلق الطلب بأمر متأخر مقدور في ظرفه - إلا أنه مع ذلك لا يتم ما أفاده، بيان ذلك: أن المطلق المتعلق للطلب لا يخلو: من أن يكون شموليا، وأن يكون بدليا، والمطلق الشمولي وإن كان خارجا عن محل الكلام في المقام - حيث إن محل الكلام في المطلق البدلي - إلا أنا نتعرض له لشئ من التوضيح للمقام فنقول: إن المطلق إذا كان شموليا فلا محالة ينحل الحكم المتعلق به بانحلال أفراده، فيثبت لكل واحد منها حكم مستقل مغاير للحكم الثابت لفرد آخر، وهذا واضح.
وعليه فإذا كان بعض أفراده مزاحما بواجب مضيق فلا محالة يسقط حكمه من جهة المزاحمة، لكونه غير مقدور للمكلف شرعا، وما كان كذلك يستحيل تعلق الطلب به، ولا يفرق في ذلك بين القول بأن منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل، والقول بأن منشأه اقتضاء نفس التكليف ذلك، فإن الممنوع شرعا كالممتنع عقلا، إذا لا يمكن الحكم بصحة ذلك الفرد المزاحم مع قطع النظر عما سيجئ من صحة تعلق الأمر بالضدين على نحو الترتب.
وأما إذا كان بدليا - كما هو محل الكلام في المقام - فبناء على ما هو الصحيح من أن الأوامر متعلقة بالطبائع دون الأفراد فمتعلق الأمر هو صرف وجود الطبيعة الجامع بين الحدين، أو فقل: الجامع بين الأفراد العرضية والطولية بلا دخل شئ من الخصوصيات والتشخصات الخارجية فيه.
ومن هنا قد ذكرنا غير مرة: أن معنى الإطلاق هو رفض القيود، وعدم دخل شئ منها في متعلق الحكم واقعا، لا الجمع بينها ودخل الجميع فيه (1). ومن الواضح جدا أن وجوب شئ كذلك لا ينافي وجوب شئ آخر في عرضه، ضرورة أنه لا منافاة بين وجوب الصلاة - مثلا - في مجموع وقتها - وهو ما بين الزوال والمغرب - وبين وجوب الإزالة أو إنقاذ الغريق أو نحو ذلك في ذلك