نعم، إذا كان للواجب أفراد عرضية وكان بعض أفراده مزاحما بواجب مضيق دون جميعها لتم ما أفاده (قدس سره)، إذ - حينئذ - يصح الإتيان بالفرد المزاحم بداعي امتثال الأمر المتعلق بالطبيعة المقدورة بالقدرة على بعض أفرادها، بناء على القول بأن منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل بقبح خطاب العاجز، كما إذا وقعت المزاحمة بين بعض الأفراد العرضية للصلاة - مثلا - وإنقاذ الغريق كما في مواضع التخيير بين القصر والإتمام، فإنه قد يفرض أن الصلاة تماما مزاحمة مع الإنقاذ، لعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الامتثال دون الصلاة قصرا فيما إذا تمكن المكلف من الجمع بينها وبين الإنقاذ، ففي هذا الفرض وإن كان اللازم على المكلف الإتيان بالصلاة قصرا، لئلا يفوت منه الواجب المضيق، ولا يجوز له اختيار فرد آخر منها في مقام الامتثال وهو الصلاة تماما، لأن اختياره يوجب تفويت الواجب الأهم، ولكن إذا عصى الواجب الأهم واختار ذلك الفرد فلا مناص من الالتزام بصحته، لانطباق الطبيعة المأمور بها، وهي: طبيعي الصلاة الجامع بين القصر والتمام عليه، لفرض كون تلك الطبيعة مقدورة بالقدرة على فرد منها، فإذا كانت مقدورة فلا مانع من تعلق الأمر بها بناء على أن منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل. إذا صح الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة.
نعم، بناء على القول بأن منشأ اعتبار القدرة اقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار لم يمكن الحكم بصحة الفرد المزاحم، لعدم انطباق الطبيعة المأمور بها عليه، إذ على هذا القول - كما عرفت - يكون المأمور به حصة خاصة من الطبيعة، وهي الحصة المقدورة، ومن الواضح أنها لا تنطبق على الفرد المزاحم.
وقد تلخص: أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من التفصيل وإن تم على هذا الفرض إلا أن ذلك الفرض خارج عن مورد كلام المحقق الثاني (قدس سره) الذي كان محلا للكلام في المقام، وهو: ما إذا كان الواجب ذا أفراد طولية وكان بعضها مزاحما بواجب مضيق.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) من القائلين بالواجب