محاضرات في أصول الفقه - آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض - ج ٣ - الصفحة ٣٤١
أن تقيد شئ بشئ فرع ثبوته إلا أنا قد ذكرنا غير مرة: أنه لا أثر للتقدم أو التأخر الرتبي في باب الأحكام الشرعية أصلا، فإنها تتعلق بالموجودات الزمانية لا بالرتب العقلية (1)، بل لو تعلقت بها فأيضا لا يكون الأسبق رتبة كالأسبق زمانا مقدما على غيره في مقام المزاحمة، لأن ملاك تقديم الأسبق على غيره - وهو كون التكليف المتعلق به فعليا دون التكليف المتعلق بغيره - غير موجود هنا، لفرض أن التكليف المتعلق بالمتقدم والمتأخر الرتبيين كليهما فعلي في زمان واحد، فلا موجب - عندئذ - لتقديم أحدهما على الآخر كما هو واضح. وأما اعتبار شئ شرطا فلا يكون متأخرا عن اعتبار شئ جزءا ومتفرعا على ثبوته.
نعم، اعتبار الجميع متأخر عن اعتبار الأركان ومتفرع على ثبوته كما سبق.
وأما اعتبار الشرطية بالإضافة إلى اعتبار الجزئية فلا تقدم ولا تأخر منهما، بل هما في عرض واحد.
والسر فيه: ما تقدم: من أن الصلاة اسم للأركان، والبقية من الأجزاء والشرائط قد اعتبرت فيها بأدلتها الخاصة في ظرف متأخر عنها، ولذا لا تسقط الأركان بسقوطها، وليست حال الشرائط بالإضافة إلى الأجزاء كحالها بالإضافة إلى الأركان، ومن هنا تسقط الشرائط بسقوط الأركان، ولا تسقط بسقوط سائر الأجزاء.
فما ذكره (قدس سره) من كون الشرائط متأخرة عن الأجزاء يبتنى على نقطة واحدة، وهي: كون الصلاة اسما لجميع الأجزاء فقط، والشرائط جميعا خارجة عنها وقد اعتبرت فيها فعندئذ - لا محالة - يكون اعتبارها في ظرف متأخر عن اعتبار تلك ومتفرعا عليه، إلا أنك عرفت: أن تلك النقطة خاطئة وغير مطابقة للواقع، وأن الصلاة موضوعة للأركان فقط، والبقية جميعا خارجة عن حقيقتها ومعتبرة فيها بدليل خارجي، من دون فرق في ذلك بين الأجزاء والشرائط أصلا، فلا يكون

(1) منها: ما تقدم في ص 151، وراجع أيضا الجزء الأول ص 155 - 156.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست