فأيضا لا تتم على إطلاقها على فرض تسليم أن تلك الفروع من صغريات باب التزاحم.
وبيان ذلك يحتاج إلى درس كل واحد من هذه الفروع على حده.
أما الفرع الأول - وهو: ما إذا دار الأمر بين ترك الطهور في الصلاة وترك قيد آخر من قيودها - فقد ذكر (قدس سره): أنه يسقط قيد آخر ولو كان وقتا.
وغير خفي أنه لابد من فرض هذا الفرع في غير الأركان من الأجزاء أو الشرائط، ضرورة أنه في فرض دوران الأمر بين سقوط الطهور وسقوط ركن آخر بعرضه العريض: كالركوع أو السجود أو التكبيرة لا صلاة لتصل النوبة إلى أنها واجبة مع هذا أو ذاك، لفرض أنها تنتفي بانتفاء ركن منها. فإذا لا موضوع للتزاحم ولا التعارض.
نعم، يمكن دوران الأمر بين سقوطه وسقوط مرتبة منها، فإن حاله حال دوران الأمر بينه وبين سقوط بقية الأجزاء والشرائط، كما هو واضح.
ومن هنا يظهر: أنه لا يعقل التزاحم بين الطهور والوقت أيضا، ضرورة انتفاء الصلاة بانتفاء كل منهما، فلا موضوع - عندئذ - للتزاحم ليرجح أحدهما على الآخر.
فما أفاده (قدس سره): من أنه يسقط ذلك القيد وإن كان وقتا لا يرجع إلى معنى محصل، لفرض أن الصلاة تسقط بسقوط الوقت فلا صلاة - عندئذ - لتجب مع الطهور.
وبعد ذلك نقول: إنه لا إشكال في تقديم الطهور على غيره من الأجزاء والشرائط، وليس وجهه مجرد كونه أهم، بل وجهه ما ذكرناه: من أن الطهور بما أنه مقوم لحقيقة الصلاة فلا تعقل المزاحمة بينه وبين غيره، ضرورة أن مرجع ذلك إلى دوران الأمر بين ترك نفس الصلاة وترك قيدها. ومن الواضح - جدا - أنه لا معنى لهذا الدوران أصلا. ومن هنا قلنا: إن التزاحم بين جزءين أو شرطين أو جزء وشرط إنما يعقل فيما إذا لم يكن أحدهما مقوما لحقيقة الصلاة، وإلا فلا موضوع له