ولكن كلتا النقطتين خاطئة:
أما النقطة الأولى فيردها: أن مناط تقديم الأهم على المهم في محل الكلام وترجيحه عليه في مقام المزاحمة لا يكون بملاك أنه واجد للملاك دون غيره ليقال بعدم إحرازه فيه في هذا المقام، بل هو بمناط آخر.
بيانه: أن المانع عن تقديم الأهم على المهم في المقام لا يخلو من أن يكون عقليا أو شرعيا، فلا ثالث لهما.
أما المانع العقلي - وهو عدم القدرة عليه تكوينا - فغير موجود بالضرورة، إذ المفروض أنه مقدور تكوينا ووجدانا، وهذا واضح.
وأما المانع الشرعي - وهو أمر الشارع بصرف القدرة في غيره الموجب للعجز عن صرفها فيه - فأيضا كذلك، ضرورة أنه لا نعني به إلا أمر الشارع بإتيان شئ لا يقدر المكلف معه على الإتيان بالأهم في الخارج ومقام الامتثال، فمثل هذا الأمر لا محالة يكون مانعا عن فعلية الأمر بالأهم، ولكن المفروض - هنا - عدم أمر من قبل الشارع بصرف القدرة في غير الأهم ليكون مانعا عن فعلية أمره.
فإذا لا مانع من الأخذ بالأهم وتقديمه على المهم أصلا.
وعلى الجملة: فالمهم وإن كان مقدورا عقلا إلا أنه من ناحية مزاحمته مع الأهم غير مقدور شرعا، وقد عرفت أن القدرة الشرعية دخيلة في متعلقه فلا يكون الأمر به فعليا بدون تلك القدرة، فإذا لم يكن الأمر المتعلق به فعليا فلا مانع من فعلية الأمر بالأهم.
ومما ذكرناه ظهر أنه يمكن إحراز الملاك في الأهم، وكونه واجدا له دون المهم.
والوجه في ذلك: أن الأهم مقدور للمكلف عقلا وشرعا. أما عقلا فواضح.
وأما شرعا فأيضا كذلك، ضرورة أنه لا مانع منه ما عدا تخيل أن الأمر بالمهم مانع، وقد عرفت أن هذا خيال لم يطابق الواقع، وذلك لاستحالة كون الأمر بالمهم في حال مزاحمته مع الأمر بالأهم فعليا، ضرورة عدم قدرة المكلف في تلك الحال