التقديم فيما إذا لم يكن هناك مانع عن اقتضائها ذلك، أو لم تكن هناك جهة أخرى أقوى منها تقتضي تقديم الواجب اللاحق على السابق، وهذا ظاهر.
وأما النقطة الرابعة - وهي أن صحة النذر مشروطة بكون متعلقه راجحا في ظرف العمل ولا يكون محللا للحرام - فهي تامة بالإضافة إلى ناحية، وغير تامة بالإضافة إلى ناحية أخرى.
أما بالإضافة إلى ناحية أن الوفاء بالنذر في ظرفه مستلزم لترك الواجب - وهو الحج - فهي تامة، لما عرفت من أن صحة النذر وأشباهه مشروطة بعدم كون الوفاء به محللا للحرام، وحيث إنه في مفروض الكلام موجب لذلك فلا يكون منعقدا (1).
وأما بالإضافة إلى ناحية أن متعلقه ليس براجح في نفسه في ظرف العمل لاستلزامه ترك الواجب فهي غير تامة، ضرورة أن المعتبر في صحته هو رجحان متعلقه في نفسه، والمفروض أنه كذلك في المقام، ومجرد كونه مضادا لواجب فعلي لا يوجب مرجوحيته، إلا بناء على القول بأن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده. وقد تقدم فساد هذا القول بشكل واضح، وقلنا هناك: إن الأمر بشئ لا يقتضي النهي عن ضده بوجه على أنه نهي غيري لا ينافي الرجحان الذاتي، كما هو واضح (2).
وأما النقطة الخامسة - وهي أن نفس الالتزام النذري يقتضي كون متعلقه حصة خاصة، وهي الحصة المقدورة، نظير اقتضاء نفس التكاليف ذلك - فقد ظهر فسادها مما تقدم.
وملخصه: أن ذلك لا يتم حتى على مسلك المشهور من أن حقيقة التكليف عبارة عن البعث أو الزجر إلى الفعل أو عنه، فضلا عما حققناه من أن حقيقته عبارة عن اعتبار فعل على ذمة المكلف، أو اعتبار تحريمه وبعد المكلف عنه وإبرازه في الخارج بمبرز، ولا نعقل لغير ذلك معنى محصلا للتكليف.