ويمكن أن يقال أيضا في الجواب (ثانيا) عن اختلاف الخبرين المذكورين في الترتيب بين الطرق: بأنه لا يبعد ترجيح العمل بما تضمنته مقبولة عمر بن حنظلة (1)، لاعتضادها بنقل الأئمة الثلاثة (رضوان الله عليهم) وتلقي الأصحاب لها بالقبول حتى أنه اتفقت كلمتهم على التعبير عنها بهذا اللفظ الذي كررنا ذكره، واطباقهم على العمل بما تضمنته من الأحكام، بخلاف الرواية الأخرى، فإنا لم نقف عليها في غير كتاب عوالي اللئالي، مع ما هي عليه من الرفع والارسال، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والاهمال وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها كما لا يخفى على من وقف على الكتاب المذكور.
(الثالث) - أنه قد دلت مقبولة عمر بن حنظلة على الارجاء والتوقف بعد التساوي في طرق الترجيحات المذكورة. ومرفوعة زرارة (2) على التخيير في العمل بأحدهما بعد ذلك، وبعض الأخبار قد دل على التوقف والارجاء من غير ذكر شئ من الطرق قبل ذلك، وبعض آخر قد دل على التخيير كذلك، ولعل الأخيرين (3) محمولان على عدم إمكان الترجيح بتلك الطرق، لاستفاضة الأخبار بالترجيح سيما بالقرآن ومخالفة العامة أولا، بل العمل بهما وإن لم يكن ثمة مخالف من الأخبار، إلا أن خبر سماعة - المنقول عن كتاب الاحتجاج (4) - ينافي ذلك، ولعله محمول على إمكان الوصول إلى الإمام (عليه السلام) وامكان التأخير، إذ الترجيح بهذه الطرق فرع تعذر الوصول إليه (عليه السلام) بغير مشقة (5) وقد اختلفت كلمة أصحابنا (رضوان الله عليهم)