أظهر إنذارهم، انقطع رجاؤهم منه، وإلى نحو هذا ذهب مقاتل.
والثالث: أنهم كانوا يرجون خيره، فلما أنذرهم، زعموا أن رجاءهم لخيره قد انقطع، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (وإننا لفي شك) إن قال قائل: لم قال ها هنا: " وإننا " وقال في (إبراهيم): " وإنا "؟
فالجواب: أنهما لغتان من لغات قريش السبع التي نزل القرآن عليها. قال الفراء: من قال:
" إننا " أخرج الحرف على أصله، لأن كناية المتكلمين " نا " فاجتمعت ثلاث نونات، نونا " إن " والنون المضمومة إلى الألف، ومن قال: " إنا " استثقل الجمع بين ثلاث نونات، فأسقط الثالثة، وأبقى الأولتين، وكذلك يقال: إني وإنني، ولعلي ولعلني، وليتي وليتني، قال الله تعالى في اللغة العليا: (لعلي أبلغ الأسباب)، وقال الشاعر في اللغة الأخرى:
أريني جوادا مات هزلا لعلني * أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا وقال الله تعالى: (يا ليتني كنت معهم)، وقال الشاعر:
كمنية جابر إذ قال ليتي * أصادقه وأتلف بعض مالي فأما المريب، فهو الموقع للريبة والتهمة. والرحمة يراد بها هاهنا: النبوة.
قوله تعالى: (فما تزيدونني غير تخسير) التخسير: النقصان.
وفي معني الكلام قولان:
أحدهما: فما تزيدونني غير بصارة في خسارتكم، قاله ابن عباس. وقال الفراء: المعنى:
فما تزيدونني غير تخسير لكم، أي: كلما اعتذرتم عندي بعذر فهو يزيدكم تخسيرا. وقال ابن الأعرابي: غير تخسير لكم، لا لي. وقال بعضهم: المعنى: فما تزيدونني بما قلتم إلا نسبتي لكم إلى الخسارة.
والقول الثاني: فما تزيدونني غير الخسران إن رجعت إلى دينكم، وهذا معنى قول مقاتل.
فإن قيل: فظاهر هذا أنه كان خاسرا، فزادوه خسارا، فقد أسلفنا الجواب في قوله: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا).
قوله تعالى: (هذه ناقة الله) قد شرحناها في سورة الأعراف.
قوله تعالى: (تمتعوا في داركم) أي: استمتعوا بحياتكم، وعبر عن الحياة بالتمتع، لأن الحي يكون متمتعا بالحواس.