(الفرقان) و (العنكبوت). وروى حفص عنه أنه لم يجر شيئا منها مثل حمزة.
واعلم أن ثمودا يراد به القبيلة تارة، ويراد به الحي تارة. فإذا أريد به القبيلة، لم يصرف، وإذا أريد به الحي، صرف. وما أخللنا به، فقد سبق تفسيره إلى قوله: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم).
والرسل ها هنا: الملائكة. وفي عددهم ستة أقوال:
أحدها: أنهم كانوا ثلاثة، جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقال مقاتل: جبريل، وميكائيل، وملك الموت.
والثاني: أنهم كانوا اثني عشر، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: ثمانية، قاله محمد بن كعب.
والرابع: تسعة، قاله الضحاك.
والخامس: أحد عشر، قاله السدي.
والسادس: أربعة، حكاه الماوردي.
وفي هذه البشرى أربعة أقوال:
أحدها: أنها البشرى بالولد، قاله الحسن، ومقاتل.
والثاني: بهلاك قوم لوط، قاله قتادة.
والثالث: بنبوته، قاله عكرمة.
والرابع: بأن محمدا صلى الله عليه وسلم يخرج من صلبه، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (قالوا سلاما) قال ابن الأنباري: انتصب بالقول، لأنه حرف مقول، والسلام الثاني مرفوع باضمار " عليكم ". وقال الفراء: فيه وجهان:
أحدهما: أنه أضمر " عليكم " كما قال الشاعر:
فقلنا السلام فاتقت من أميرها * فما كان إلا ومؤها بالحواجب والعرب تقول: التقينا فقلنا: سلام سلام.
والثاني: أن القوم سلموا، فقال حين أنكرهم هو: سلام، فمن أنتم؟ لإنكاره إياهم. وقرأ حمزة، والكسائي: " قال سلم "، وهو بمعنى سلام، كما قالوا: حل وحلال، وحرم وحرام، فعلى هذا، يكون معنى " سلم ": سلام عليكم. قال أبو علي: فيكون معنى القراءتين واحدا وإن اختلف اللفظان. وقال الزجاج: من قرأ " سلم " فالمعنى: أمرنا سلم، أي: لا بأس علينا.
قوله تعالى: (فما لبث) أي: ما أقام حتى جاء بعجل حنيذ، لأنه ظنهم أضيافا، وكانت الملائكة قد جاءته في صورة الغلمان الوضاء.