قوله تعالى: (ثلاثة أيام) قال المفسرون: لما عقرت الناقة صعد فصيلها إلى الجبل، ورغا ثلاث مرات، فقال صالح: لكل رغوة أجل يوم، ألا إن اليوم الأول تصبح وجوهكم مصفرة، واليوم الثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، فلما أصبحوا في اليوم الأول، إذا وجوههم مصفرة، فصاحوا وضجوا، وبكوا، وعرفوا أنه العذاب، فلما أصبحوا في اليوم الثاني، إذا وجوههم محمرة، فضجوا، وبكوا، فلما أصبحوا في اليوم الثالث، إذا وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار، فصاحوا جميعا: ألا قد حضركم العذاب، فتكفنوا وألقوا أنفسهم بالأرض، لا يدرون من أين يأتيهم العذاب، فلما أصبحوا في اليوم الرابع، أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة، فتقطعت قلوبهم في صدورهم. وقال مقاتل: حفروا لأنفسهم قبورا، فلما ارتفعت الشمس من اليوم الرابع، ولم يأتهم العذاب، ظنوا أن الله قد رحمهم، فخرجوا من قبورهم يدعو بعضهم بعضا، إذ نزل جبريل، فقام فوق المدينة فسد ضوء الشمس، فلما عاينوه، دخلوا قبورهم، فصاح بهم صيحة: موتوا، عليكم لعنة الله، فخرجت أرواحهم، وتزلزلت بيوتهم فوقعت على قبورهم.
قوله تعالى: (ذلك وعد) أي: العذاب (غير مكذوب) أي: غير كذب.
قوله تعالى: (ومن خزي يومئذ) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر " يومئذ " بكسر الميم. وقرأ الكسائي بفتحها مع الإضافة. قال مكي: من كسر الميم، أعرب وخفض، لإضافة الخزي إلى اليوم، ولم يبنه، ومن فتح، بنى اليوم على الفتح، لإضافته إلى غير متمكن، وهو " إذ ". وقرأ ابن مسعود " ومن خزي " بالتنوين، " يومئذ " بفتح الميم. قال ابن الأنباري: هذه الواو في قوله: " ومن خزي " معطوفة على محذوف، تقديره: نجيناهم من العذاب ومن خزي يومئذ. قال: ويجوز أن تكون دخلت لفعل مضمر، تأويله: نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا، ونجيناهم من خزي يومئذ. قال: وإنما قال: " وأخذ " لأن الصيحة محمولة على الصياح.
قوله تعالى: (ألا بعدا لثمود) اختلفوا في صرف " ثمود " وترك إجرائه في خمسة مواضع:
في (هود:) (ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)، وفي (الفرقان) (وعادا وثمودا وأصحاب الرس)، وفي (العنكبوت) (وعادا وثمودا وقد تبين لكم)، وفي (النجم) (وثمود فما أبقي) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر بالتنوين في أربعة مواضع منها، وتركوا (ألا بعدا لثمود) فلم يصرفوه. وقرأ حمزة بترك صرف هذه الخمسة الأحرف، وصرفهن الكسائي. واختلف عن عاصم، فروى حسين الجعفي عن أبي بكر عنه أنه أجرى الأربعة الأحرف مثل أبي عمرو، وروى يحيى بن آدم أنه أجرى ثلاثة، في (هود) (ألا إن ثمودا)، وفي